Friday, July 27, 2012

كيـف تـصنع طاغــية..


كان السقوط المفاجئ
للرئيس السابق حسني مبارك
وإبعاده عن السلطة بعد 30 عاما عقب
النجاح الهائل لثورة 25 يناير
والذي شد أنظار العالم في
كل الدول سببا في إتجاه عدد من
علماء النفس للقيام بدراسات
حول الحالة النفسية للحكام الديكتاتوريين
والأسباب التي تجعلهم يتصرفون
بطريقة تنتهي بالقضاء عليهم في النهاية
إحدي هذه الدراسات كتبتها
المحللة النفسية
ستيفاني باباز
منذ أيام بدأتها بالإشارة إلي شخصيتين
من الحكام الطغاة الذين اشتهروا
بالسادية والنرجسية وجنون العظمة
وهما صدام حسين وجوزيف ستالين
واعتبرتهما شخصيتين غير طبيعيتين
تميزت تصرفاتهما بالدموية وقتل الأبرياء
ثم قالت إن حسني مبارك يختلف عنهما
في أنه كان شخصا طبيعيا
فما الذي حوله إلي حاكم ديكتاتور
تمارس أجهزته الأمنية
كل أساليب القمع ضد معارضيه؟
وفي تحليلها لأسباب هذا التحول
أوضحت أن
السلطة المطلقة
هي السبب
فعندما تتجمع في يد الحاكم
كل السلطات فإن هذا يؤثر علي
طبيعته النفسية ويكون لها
تأثير كبير علي تصرفاته
وإستشهدت باباز بدراسة
للدكتور ديشر كلتنر
بجامعة كاليفورنيا ـ بيركلي
قال فيها إن الحكام الذين يتمتعون
بسلطات محدودة يميلون إلي
التواصل مع الأخرين
بينما الذين يمتلكون سلطات واسعة
فإنهم ينعزلون بأنفسهم
ويفعلون ما يرضيهم هم شخصيا
بحيث يتوقف أحاسيسهم
بالمحيط الاجتماعي حولهم
ويتضاءل إدراكهم لمشاكل الناس ومشاعرهم
ولا يكون لديهم فهم واضح
للظروف الاجتماعية السائدة
كالفقر مثلا أو الإحتياجات العاجلة
والملحة للمواطنين
وينشأ لديهم شعور كاذب
نتيجة للمعلومات المضللة
التي تقدم إليهم بأن الشعب
في سعادة تامة ورضا كامل عنهم
، فيزداد إنغلاقهم علي أنفسهم
ورضاهم عن سياستهم
مما يقيم حاجزا كبيرا بينهم
وبين الناس لا يشعرون بهوهي نتيجة تتفق مع احدي
الدراسات النفسية التي نشرت
عام 2009 في الولايات المتحدة
وذكرت أن الحاكم الذي يصل إلي
درجة مبالغ فيها من التمتع
بالسلطة الواسعة يزداد لديه
الإحساس بأنه يسيطر سيطرة تامة
علي الموقف في بلاده، ويكون هذا الشعور
الخادع سببا في القضاء
علي هذه السلطة التي يتمتع بها في النهاية
وعند هذه النقطة يتوقف
جورجي ديرلوجين عالم الاجتماع
بجامعة نورث ويسترن
والمتخصص في دراسة الثورات
أمام خطاب الرحيل لحسني مبارك
عندما أعلن نائبه عمر سليمان
يوم 11 فبراير تخلي الرئيس
عن السلطة بينما في اليوم السابق
مباشرة وجه مبارك خطابا
إلي الشعب فيه لهجة التمسك
وعدم التخلي عنها،
والفارق بين ما حدث في اليومين
يوضح مشكلة مبارك في أنه
لم يكن يفرق بين شخصه وبين بلده
نظرا لأن بقائه الطويل في الحكم
جعله لا يجد فرقا
بين مصلحته وبين مصلحة مصر
، وهي حالة تصيب مختلف الحكام الديكتاتوريين
الذين يشعر كل منهم عندما يجعل
اجهزته الأمنية تواجه معارضيه بالقمع
بأنه يحمي بلده أيضا
وأن هذا القمع نوع من الخدمة
التي تحتاجها بلده،
ولا يشعر بوجود أي تناقض
وهو يتصرف بتلك الطريقة
وتقول الدراسة أيضا
أن
مذاق السلطة المطلقة والاستمتاع بها
يوقف قدرة الحاكم المستحوذ
علي هذه السلطة علي الإستماع للأخرين
أو حتي فهمهم، حيث يصل إلي
درجة من الثقة المطلقة في نفسه وفي أفعاله
كما أن ضخامة السلطات
التي يتمتع بها الحاكم تضخم
المعتقدات المسيطرة علي عقله
وتجعله لا يري الحقيقة ولا يشعر بها
ومن القصص التي تروي النتائج المترتبة
علي حالات السلطة المطلقة والتي خضعت
لدراسات نفسية تجربة أجراها العلماء
في سجن إستانفورد في الولايات المتحدة
عام 1971
وكان لها شهرة كبيرة
في ذلك الوقت، حيث قام العلماء
بوضع مجموعة من الطلاب المشاركين
في التجربة بشكل عشوائي داخل السجن
بإعتبارهم يقومون بدور السجناء
ومجموعة أخري تقوم بدور الحراس
وبدأوا يلاحظون أن من يقومون
بدور الحراس بدأوا يسيئون
استخدام سلطاتهم الوهمية بشكل تلقائي
، وأن من يقومون بدور المساجين
أصبحوا استسلاما وخضوعا لهم
وقد تم إنهاء التجربة بسرعة
نظرا لما أثبتته من نتائج
قد تؤثر علي الطلاب
وعلي حالاتهم النفسية بشكل عام
الخلاصة التي
توصل عليها علماء النفس
الذين قاموا بهذه الدراسات
أن حتي الشخص الطبيعي والعادي
لو أتاحت له الظروف التمتع بسلطات مطلقة
دون مراقبة أو حساب فإن شخصيته
تتحول إلي شخص غير طبيعي
ويصبح ديكتاتورا وينتهي عادة إلي تدمير نفسه
ولهذا السبب كان تشخيص العلاج فى
الديمقراطية
التي تمنع
هذا المرض المدمر للحاكم
ولبلاده في نفس الوقت
=======
منقول من
جريدة الأهرام المصرية
*****

0 comments: