Saturday, July 4, 2015

...سامي الحاج: «شكراً» غوانتانامو!...


prisoner345



المصوِّر الصحافي
في قناة «الجزيرة» يعيش
حتى اليوم كابوس المعتقل
 ويُطلق في
 الذكرى 13 لتأسيس
 الفضائية القطرية
 قسماً يعنى
بالدفاع عن الحريات.




لم تذهب سنوات الاعتقال
 الست والشهور الستة
التي قضاها سامي الحاج
 في غوانتانامو، سدىً
 فما تعرّض له المصوّر الصحافي
في قناة «الجزيرة»، من تعذيب
 وضغوط ليعمل جاسوساً أميركياً
 وما شاهده وأحسّه وسمعه
من قصص زملائه المعتقلين
 مثّل تجربة غنية على رغم مرارتها
توثّق للتطبيق
 «البوشي»
(نسبة لجورج بوش)
 لمبادئ الديموقراطية التي ينادي بها.


يعي الصحافي السوداني
الذي يقيم حالياً في العاصمة القطرية
 والذي كُرّم في النروج أخيراً
 أهمية تجربته وخطورتها
 وفي جلسة التحقيق الأخيرة
 قبل الإفراج عنه شكَر سجّانيه
«لأنكم أتحتم لي فرصة متابعة مشاهد تعذيب المعتقلين ولقائهم عن قرب، وهي فرصة يحلم بها كلّ صحافي. كما أنكم حوّلتموني من مصوّر مبتدئ إلى بطل مشهور، صار لديه أصدقاء من كل أنحاء العالم، يناصرون قضيته».



تجربة الحاج المُشبعة بالتفاصيل
التي لا يملّ من سردها
 تبدو مادة مكتملة لرواية بوليسية
 أو فيلم سينمائي عنيف
 لكن هذا الرجل (39 عاماً) الذي
اعتُقل عن طريق الخطأ
 وأفرج عنه من دون إدانته بأي تهمة
 قرّر بالاتفاق مع إدارة
«الجزيرة»
 افتتاح قسم يعنى بالدفاع
 عن حقوق الإنسان والحريات في العالم
 ليكون سلّة تجمع تقارير وأخباراً
عن الحقوق المنتهكة وعرضها للجمهور
 ولدت الفكرة من
«إصراري على أن الصحافي هو الوسيط الأفعل في كشف الحقائق. لذا، لن أفوّت مناسبة إلا وسأروي فيها تفاصيل عذابات غوانتانامو».

وفي حديثه مع
 «الأخبار»
 يؤكد أنه في الذكرى الـ13 لتأسيس
 «الجزيرة»
 في الأول من
تشرين الثاني (نوفمبر)ستنطلق
 الصفحة الإلكترونية المخصصة للغاية نفسها
 على موقع «الجزيرة نت»
ويشير إلى أنه زار أخيراً سويسرا والنروج
للتعريف بهذا القسم ولقاء المنظمات المعنية
 «نعوّل على دور الدول الأوروبية في مجال القيم الإنسانية والديموقراطية والحرية، بعدما أثبتت الإدارة الأميركية زيفها في هذا المجال».



بهدوء ينضح بالألم
 يتذكّر سامي أنواع التعذيب والتنكيل
 التي تعرّض لها في غوانتانامو
 وخصوصاً تلك التي خضع لها
خلال 200 جلسة استجواب تحت التعذيب
 وكان 95 في المئة من أسئلتها
تتمحور حول
 «الجزيرة»
 يقول
«تعرّضت لكل أنواع الألم الجسدي والنفسي
 وبما أن المعتقلين مسلمون
كانت إدارة المعتقل تتفنّن في
 وسائل الإذلال والإغاظة
 التي تمسّ الديانة الإسلامية
 رأيت بأم عيني جنوداً
يمزّقون القرآن ويرمونه في كرسي الحمام
 وخلال جلسات الاستجواب
 كانوا يجلسون على نسخ
من القرآن لمدة طويلة
 شتمونا بشتائم عنصرية
 عذّبونا بالدولاب
 عزلوني في غرفة درجة الحرارة فيها تحت الصفر
 مع تقديم وجبة باردة واحدة في اليوم
 كانوا يمنعوننا من النوم
 وإذا غفت عيوننا يضربوننا
على رؤوسنا كالماشية
ويرموننا بمياه باردة جداً
 أجبرونا على مشاهدة
أفلام وصور فوتوغرافية
لأشخاص يموتون
من التعذيب مضرجّين بالدماء
 أجبرونا أيضاً على مشاهدة الصور الإباحية
 وعلى ارتدء ملابس نسائية
 وعلى التعرّي والمشي عراة كالحمير
... كان علينا إلقاء التحية العسكرية
عندما نسمع النشيد الوطني الأميركي
 وكانوا هم يذلّون المعتقلين
 بإجبارهم على لفّ أجسادهم
بالأعلام الإسرائيلية والأميركية».



أما الطبابة فكانت غالباً
 من درجة الخمسة نجوم
 المعتقلون الذين يُصابون
بجروح طفيفة خلال
التعذيب أو جلسات الاستجواب
 ـــ وهم كثر بحسب الحاج ـــ
يريحونهم من الآلام بـ... قطع أطرافهم!
«قطعوا رجلي أحد السعوديين وأيادي كثيرين
 وهناك تونسي قطعوا أصابعه».

اليوم، يتمنى الحاج
أن يعاود المشي من دون
 العصا الخشبية التي لا تفارقه
 لكن منذ خروجه يخضع الحاج
لعلاج طبي دقيق. فهو يعاني تمزّقاً
 في الرباط الصليبي
وأحد أربطة الرجل اليمنى
 التي تحتاج إلى عملية جراحية
 كما أصيبت معدته بأمراض عدّة
 جرّاء الإضراب عن الطعام لـ438 يوماً
 خلال فترة اعتقاله الأخيرة.
منذ اللحظة الأولى
 كان يؤمن بأنه سيعود يوماً
إلى زوجته الأذربيجانية
 أسماء وابنه الوحيد محمد (8 سنوات)
«كنت مقتنعاً ببراءتي
 وبأنني لم أسئ حتى إلى الولايات المتحدة».
ومع ذلك، عُذّب وأُهين
«بسبب رفضي التعامل مع الاستخبارات الأميركية كجاسوس... كل ما أرادوه مني هو التعامل معهم. ألحّوا حتى اللحظة الأخيرة لخروجي، وعلى لسان أكثر من محقّق. عرضوا عليّ ملايين الدولارات، ومنحي وعائلتي الجنسية الأميركية، إضافة إلى تقديم سيارة وفيلا أعيش فيها مع زوجتي وابني مع توفير الحماية الكاملة من جانبهم. لكنني رفضت لأني صحافي، وهذا ليس عملي. ولمَّا لم يقتنعوا، قلتُ إني أخاف على نفسي وعلى عائلتي من «القاعدة». وكنت أردّد على مسمعهم أنني
«أعرف إن لم أعمل معكم فسيكون موتي على أياديكم.



بداية القصّة

قندهار، المعتقل... والحرّية


 5 كانون الأول
 (ديسمبر) 2001...
تاريخ حوّل حياة المصوّر المتحمّس
 وعائلته إلى كابوس رهيب
 فبينما كان سامي الحاج
ومراسل قناة «الجزيرة» عبد الحق صدّاح
يهمّان بعبور الحدود الباكستانية إلى أفغانستان
 لتغطية انتهاء حكم حركة طالبان
على أثر الهجمات الجوية الأميركية
 والهجمات البرية الأفغانية
 احتجز حراس الحدود الحاج
بناءً على طلب من الاستخبارات الباكستانية
 للاشتباه بارتباطه بتنظيم
«القاعدة»
 ومن ثم
«قادوني إلى قاعدة باغرام حيث مكثت 16 يوماً
 نكّلوا فيه بجسدي، وحقّقوا معي
مدّعين أنني كنت أنقل أموالاً
إلى المقاتلين عبر أذربيجان»
. ومن جملة الأسئلة التي وُجّهت إليه
 «لماذا تحارب الأميركيين؟
 وهل صوّرت بن لادن شخصياً؟».

بعدها اقتيد إلى قندهار حيث
 «بدأت العروض تنهال عليّ
 للعمل جاسوساً مقابل الإفراج عني
 وسئلت أسئلة سخيفة، بينها
 «مَن قتل أحمد شاه مسعود
 القائد العسكري لقوات التحالف الشمالي
التي تحارب طالبان؟»
 ومن قندهار حيث سجن 6 أشهر
 نقل مكبّلاً مكمّماً عبر الطائرة
 إلى القاعدة البحرية الأميركية
في خليج غوانتانامو في كوبا
 وهناك، عاش أسوأ أيام
قد تمرّ على إنسان في العالم
 والتقى محققين أميركيين وبريطانيين وكنديين...


بعد كل ذلك
 يبقى سؤال أساسي
 هل يُعقل أن تُفرج السلطات الأميركية
 عن سامي الحاج من دون شروط؟
وإذا اعترفت باعتقاله من طريق الخطأ
هل قدّمت اعتذارها كما يجب؟



يؤكد أن المحققين حدّدوا
3 شروط لخروجه
 «لا عمل في صحافة
 وعدم البوح بما رآه وسمعه في غوانتانامو
 وعدم السفر خارج بلدي السودان»
 لكنه رفض وحكومة السودان
 «التوقيع على هذه الشروط».

أما الاعتذار فلم يحصل
 «مع أن المحققين أكدوا لي
 عشرات المرات أن اعتقالي
حصل عن طريق الخطأ
 وحين طلبتُ منهم في آخر جلسة
 في قندهار الاعتذار رسمياً
مني ومن قناة
«الجزيرة»
 وافقوا مشترطين
ألا أفشي السرّ عبر وسائل الإعلام
 وفيما لم يقدّموا أي اعتذار رسمي
 تلقيتُ رسائل عدة من مواطنين أميركيين
 أدانوا اعتقالي وقدموا لي اعتذارات شخصية».


تيما شديد - الأخبار
Posted07/10/2008 - 18:26