من تقنين الفساد لحماية الفاسدين، إلى الفساد المقنن الذى نشر أجنحته على ربوع المحروسة، كان ثمة برلمان يضم فى أروقته، ويتصدر منصته، إما فاسد أو مفسد ليصبح الحزب الأكبر، والأكثر تنظيما ونفوذا ليس إلا «حزب الفساد» مهما تغيرت اللافتات، وتحورت الشعارات! يظل صوت الفاسد أعلى.. يبقى من يهندس لعمليات الافساد اليد الطولي.. تتحول القوانين من العمومية إلى «التفصيل بالمقاس».. يصبح العام فى خدمة الخاص، ورويدا رويدا يعود مفهوم مجتمع النصف فى المائة ليسود بحماية برلمان لايعبر إلا عن مصالح المحتكرين وأصحاب الثروات الحرام، برعاية رأس النظام الذى يسهر على التشريع لزواج الثروة بالسلطة، ولتسقط الحدود بين رموز الحكم وأركان الدولة! منظومة نموذجية للفساد الممنهج، برعاية برلمانية شاملة، هكذا كان الحال لعقود، لكن فاض الكيل خلال العقدين الأخيرين لحكم مبارك، وإذا كانت البشائر القاتمة انطلقت منذ بدأ انفتاح السداح مداح فى عصر السادات، فإن زحف مصر نحو القائمة الدولية للأكثر فسادا منذ تزاوج المال بالحكم، رشحها لاقتحام موسوعة چينيس من بوابة الفساد الملكى بلا منافس إلا بضع دول، ليس لها من هذه الصفة إلا الشكل، بخلاف مصر الدولة الأولى فى التاريخ! شهدت برلمانات مبارك- بغرفتيها الشعب والشوري- ما لم تشهده جمهوريات الموز، ولا الدكتاتوريات التقليدية فى العالمين الثالث والرابع من مبادرات بلا نظير فى تقنين الفساد، وتفصيل القوانين، وتعديلها تبعا ليس فقط للمصالح ولكن للأمزجة المتقلبة التى تبيت فى شأن لتصبح ميالة لنقيضه! إلا أن الفاسدين لم يكونوا وحدهم فى الساحة، فثمة معارضة وطنية شريفة، من عناصر حزبية ومستقلة كانت تقف بالمرصاد، وبالتوازى كان يندس بين صفوفها عناصر مرتزقة، بعضهم أقرب إلى عرائس الماريونيت أو الأراجوزات، والأهم ان أصحاب أقلام شرفاء يقظة ضمائرهم كانوا أيضا يرصدون ويرفضون، بل يقاومون بالكلمة، فإذا ما حالت الظروف دون أن يصلوا للرأى العام، فإنهم كانوا يستعدون لفضح الفاسدين حين تنقشع الغمة. بين هؤلاء صاحب هذا الكتاب الذى عاش فى الكواليس البرلمانية عمره الصحفى كله، ولم يكن ليفوت فرصته ليقتنص مستندا أو وثيقة، ولم تغفل عينه أو يهدأ عقله طوال مسيرته عن متابعة كل المناورات والألاعيب القذرة فى أروقة البرلمان، يتحين اللحظة المناسبة لكشف المستور، وفضح الفاسدين. فصول الكتاب لم تكن وليدة لحظة إلهام، لكنها حصاد رحلة عمر مهني، وعزم لم يخفق، وعندما استيقظ العالم على ثورتين للمصريين، كان على جميع الشرفاء أن يقدموا مالديهم لكشف حقائق قادت إلى أن يثور المصرى بعد أن تجاوزت المظالم والمفاسد احتمال البشر، وكان على الواعين أن يبذلوا الجهد لقطع الطريق على تكرار المعاناة بفضح أساليب من احترفوا أن يمتصوا دماء الشعب، ويستحلوا مقدرات وثروات أجيال وراء أجيال، وكان على الذين يراهنون على مستقبل مبرأ من أدران الماضى أن يفضحوا حيل الفاسدين كى لايكون لهم خلفاء يستغفلون شعبا طيباً يعرف كما يصبر أن يثور حين يفيض الكيل. من ثم فإن هذه الصفحات تأتى فى سياق فهم صحيح لعبرة التاريخ ودروسه باعتبارها زادا ضروريا فى رسم ملامح الغد الأفضل.
عــــلاء عبـدالوهـــاب
كواليس الفساد في برلمان مبارك
هذه الصفحات ليست مجرد سطور تتحدث عن بعض قضايا الفساد التى كان يمارسها رموز النظام الأسبق البائد برئاسة الرئيس المخلوع مبارك .. والذين سعوا فى خراب مصر مع سبق الإصرار والترصد وببجاحة عجيبة يحسدون عليها .. لكنها شهادة حق أقدمها إلى شباب ثورة 25 يناير وأهديها إلى شهداء الثورة المجيدة الذين ضحوا بأرواحهم من أجل تراب هذا الوطن وكرامته وحريته .. وأقدمها لكل مصابى الثورة الذين فقدوا أبصارهم وأعضاءهم فداء لنا، وأصبحوا شهود عيان، ودليلاً حياً على ماحدث فى ميدان التحريروحى الأربعين فى السويس والإسكندرية وبنى سويف وكل محافظات مصر أيام ثورة الشعب المصرى على الظلم والاستبداد الذى كان يمارسه النظام الأسبق .. حتى ولو كانت الأحكام على جلاديهم جاءت بالبراءة لحرق الأدلة واختفائها فى ظروف غامضة! وأقول بكل الصدق والصراحة أنه لولا هذه الثورة العظيمة ماكنت أستطيع الكشف عن وقائع هذا الفساد الذى كان ينخر فى عضد مصر لسنوات طويلة .. وكنت شاهدا عليه بحكم عملى محررا برلمانيا على مدى أكثر من 35 سنة عشتها تحت قبة البرلمان ..وعاصرت فيها أحداثا جساما مرت بها مصر غيرت فيها وجه التاريخ .. وشاهدت آلاف النواب فى مجلسى الشعب والشورى على مدى هذه السنين .. واستطعت أن افرق بين النواب الذين جلسوا تحت القبة بالصدفة والذين ينافسون أبو الهول فى صمته و النواب الذين جاءوا الى القبة ليدافعوا عن حقوق هذا الشعب الغلبان .. وكانوا يزلزلون المقاعد من تحت الوزراء ولا يخافون فى الحق لومة لائم ، و شاهدت نواباً كانوا يدفعون ملايين الجنيهات من أجل الفوز بكرسى البرلمان ليتمتعوا بالحصانة، و يحققوا من خلال هذا الكرسى مصالحهم الشخصية بحكم قربهم من صناع القرار أو لمجرد الوجاهة الإجتماعية أو تحقيق النعرة القبلية ، وكنت أرى نوابا ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا نوابا « إمعة» يقولون للحزب نعم إذا قال «نعم» ويقولون «لا» إذا جاءتهم التعليمات بأن يقولوا «لا» ، وعاصرت نواب المخدرات ، ونواب سميحة الذين تورطوا فى فضيحة جنسية ، ونواب القروض والنقوط والتأشيرات والمحمول ، والنائب الصايع ، ونواب «عبده مشتاق» وهم الذين يشتاقون إلى كرسى الوزارة وأذكر أن أحدهم قال لى أثناء المشاورات لتشكيل وزارة جديدة: إن «العداد قلب» وانه مازال ينتظر دخوله الوزارة ، وعاصرت نواباً من الذين يمكن أن نطلق عليهم نواب كل العصور ويلعبون على كل الحبال .. ويظن الناس فى خارج القاعة انهم معارضون شرفاء وعصاميون .. والحقيقة إنهم كانوا أبعد ما يكونون عن الشرف والأمانة والآيات القرآنية التى يرددونها والأحاديث النبوية التى يستشهدون بها فى أحاديثهم المنمقة، وخطبهم المنبرية تحت القبة. ولكنهم - للأسف - كانوا يؤدون دور المعارضة تحت القبة إستكمالا للشكل الديمقراطى فقط! وبصراحة إن ما كنت أنشره عن هذا الفساد فى ذلك الوقت كان نقطة فى بحر متلاطم من النهب والسرقة وتهريب الأموال للخارج وتوزيع الأراضى والفلل والشاليهات والشقق على أصحاب الحظوة من الوزراء والنواب . وكان الرقباء من كل الأنواع والأحجام والألوان يحاصروننا فى كل مكان ويلتفون حولنا ويضيقون علينا الخناق لحماية النظام من أقلام هؤلاء الأوغاد والمشككين فى رموزه ! .. وكان هؤلاء الرقباء يسبحون بحمد النظام ورجاله .. ويعلنون كل يوم ولاءهم للسلطان وصاحب المن والعطايا عليهم .. فهو الذى يعينهم وهو الذى يقصيهم عن مناصبهم اذا غضب عليهم - لا قدر الله - ونسوا كل شىء للأسف فى سبيل إرضاء السلطان ! وكان أعضاء عصابة مبارك تحت القبة يجيدون توزيع الأدوار بينهم و يقودهم المخرج العظيم الذى جلس على منصة مجلس الشعب لمدة 21عاما فهو العالم الجليل وصاحب المؤلفات الضخمة فى القانون الجنائى .. والثائر من أجل الحق والعدل عندما كان طالبا بكلية الحقوق قبل ثورة يوليو 1952 وأستاذ الأساتذة على حد قوله فى أحد المؤتمرات الصحفية مع المحررين البرلمانيين رداً على أحد رؤساء التحرير الكبار الذى كان يسخر قلمه أسبوعيا لنقد أعماله وسفرياته الخارجية وأ طلق عليه «ابن بطوطة» فى عموده الأسبوعى والذى كان يوقعه بإسم «أنور وجدى» . وأقول كِشاهد عيان إن هذه السفريات كانت الباب الخلفى لإهدار المال العام .. فالسفريات كانت تضم مديرى المكاتب والسكرتارية والحرس والأمين العام ونوابه والزوجات وبعض أصحاب الحظوة من المحررين البرلمانيين من سدنة النظام .. بالاضافة إلى النواب الذين يظهرون الولاء الشديد للنظام والمدافعين عنه بالحق أو الباطل .. فلم تكن هناك أى معايير حقيقية لاختيار النواب أو المحررين الذين يسافرون للرحلات الخارجية !. وللأسف إن أستاذ الأساتذه ورئيس مجلس الشعب «غير العادى» كما قال لأحد النواب بالحرف الواحد الذى تجرأعليه فى إحدى الجلسات وأراد التجاوز معه .. فأنفعل عليه استاذ الأساتذة وقال له بكل غضب وحدة : « إعلم إنك تخاطب أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب وإنه رئيس غير عادى»! و قد استخدم أستاذ الأساتذه كل علمه وخبرته وحنكته السياسية التى كانت تشهد بها المعارضة قبل الأغلبية فى خدمة النظام وحمايته ! .. ولعن الله السياسة. وأذكر اننى فى أحد لقاءاتى به وبالتحديدونحن فى زيارة خارجية للأردن فى بداية عام 2000 عقب جلسة صاخبة لمجلس الشعب حول تصميم وزير الثقافة الاسبق فاروق حسنى على إقامة إحتفال ضخم بمناسبة مرور مائتى عام على الغزو الفرنسى لمصر وأن معالى الوزير الاسبق لم يكن يعتبر ذلك غزواً ولكن يعتبره فتحا ثقافيا لمصر حيث قدموا لنا المطابع و الأجهزة العلمية الحديثة واكتشفوا الكتابة الهيروغليفية و احضروا العلماء لدراسة البيئة الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية لمصر. وفى نفس الوقت تناسى سيادة الوزير تماما المذابح الوحشية والبشعة التى ارتكبها الفرنسيون ضد المصريين العزل ، و أنهم جاءوا لمصر محتلين و غزاة ودعاة حرب وليسوا دعاة سلام وانهم اقتحمواالجامع الأزهر بخيولهم و حرابهم. و شنت المعارضة فى ذلك الوقت هجوماً ضارياً على الوزير و الاحتفال الذى كان سيقيمه فى سفح الأهرامات و يحضر له أحد المخرجين الفرنسيين .. ويدعى ميشيل جار لتنظيمه بحجة أن هذا الاحتفال أو المهرجان سوف يشجع السياحة فى مصر ويحضر الحفل 50 ألف زائر .ويعرف العالم بمعالمنا السياحية..و لكن المعارضة فى مجلس الشعب ، وبعض الأقلام الصحفية فى الصحف القومية والحزبية رفضت هذا الاحتفال ، وتصدت له بكل عنف وقوة ..وقالت صحيفة «يدعوت أحرونوت» الإسرائيلية ان برنامج الاحتفالية يسعد طوائف عبدة الشيطان ، وان الشيطان سوف يظهر فى منطقة الأهرامات بالجيزة ! وإن ميشيل جار يهودى الجنسية ولكن الوزير قال : «انه كاثوليكى فرنسى».! ونشرت جريدة الشعب هذا الكلام فى ديسمبر 1999 قبل إغلاقها .. واستخدم فاروق حسنى كل وسائل الإقناع والحجج حتى يوافق المجلس على إقامة الاحتفال فى ذكرى الغزو الفرنسى لمصر .. وأمام الشد والجذب إنفعل الوزير وقال : «وايه يعنى .. فمصر قامت بغزو اليمن» ووقتها قامت الدنيا ولم تقعد تحت القبة لإن مصر عندما ذهبت لليمن لم تكن غازية ولكن لمساعدة اليمن للتخلص من حكم «الإمام » على حد تعبير النواب . واستخدم د. سرور كل أسلحته فى تهدئة النواب والوقوف بجانب الوزير والدفاع عنه وقال ان ماقاله الوزير يعتبر «زلة لسان» من الوزير وانه لم يقصد ! وعندما قلت للدكتور سرور فى لقائى معه انه دافع عن الوزير ووقف بجانبه وحماه من المعارضة. قال لى بالحرف الواحد : انه وزير من النظام ولابد من حمايته .. وادركت وقتها أن إحدى وظائف د.سرور خلال رئاسته لمجلس الشعب التى استمرت كل هذه السنوات . - وتمثل سابقة برلمانية فى مصر والعالم كله - هو حماية النظام والدفاع عنه بالحق والباطل وبكل الطرق المشروعة وغير المشروعة وما أكثرها .. أنه رجل النظام الأول وأن سبب تمسك مبارك به إنه كان يحقق له كل مايريد من قوانين وتشريعات يكبل بها البلد، وأن سرور كان هو بطل تعديل المادة 76 لدستور 1971 التى كانت بابا خلفيا لدعم التوريث وأن هذه المادة تم تحصينها تماما ضد الطعن على نصها الذى كان يمثل أطول مادة دستوريه فى الدساتير العالمية والتى قال عنها الفقيه الدستورية د. يحيى الجمل فى ذلك الوقت «أهان الله من أهان مصر بهذه المادة ». وكان هذا الموقف من مئات المواقف التى عشتها تحت قبة البرلمان والتى سأتعرض لبعضها ولكن يوجد فى جعبتى مئات غيرها.
محمـــد المصـــرى

قال برنارد شو: »ان أفضل مكان للبحث عن الله هو الحديقة، ففيها تستطيع أن تنقب عنه فتجده«. وقال المهاتما غاندي: «إننى لا أقول أن الله هو الحق، ولكن أقول أن الحق هو الله». وقال الامبراطور الفيلسوف ماركوس أورليوس: «بين كل ما فى الكون وجه عبادتك الى أعظمها. وما هو أعظم ما فى الكون، انه هذا الكائن الذى يدير ويحكم، وكما تعبد أعظم ما فى الطبيعة، تعبد أعظم ما فى نفسك، قبسا من الله». فالله كائن فى نفسك، فى نبضك وسكونك.. قد لا تراه ولكنك تحسه وقد تحسه ولكنك لا تعرفه. وكونك لا تراه أو لا تعرفه لا يعنى انه غير موجود ولا محسوس، ولكنه يعنى أن التراب فى نفسك طغى على القبس المضيء فيها، فاختلط عليك الأمر وظننت أنك خلقت من فراغ وتعيش فى فراغ، وتظل فى حيرة وضلال الى أن يطلع عليك ومن داخلك نور الله فيهديك بعد أن ضللت ويرشدك الى الطريق وكانت قد عمت عليك. ولعلك فى حياتك رأيت الله مرة أو مرتين أو ثلاثا أو أكثر، لا رؤية العين التى تجسد أمامك المرئيات ولكن رؤية الوجدان الذى يوحى إليك انه فى داخلك.. الله هو الخير والجمال والحب و؟؟؟ والتسامح والتسامى ففى كل مرة أحسست فيها انك ترتفع عن الحقد الى حيث الصفح والمغفرة، وعن الكراهية الى حيث الحب والتسامح، فاعرف أن الله فى داخلك يرعاك ويوجهك.. وفى كل مرة أوشكت أن تسقط وأحسست أن يدا خفية تقيمك، فإنها يد الله، وفى كل مرة التمت عليك الخطوب وأدلهمت المسالك وأضحى الظلام يحيط بك فى كل مكان، وأحسست نورا يشع فى الظلام وصوتا يهبك الراحة والعزاء.. فإنه الله. وأنت تستطيع أن تراه كلما صفوت وازدادت شفافيتك، وتخلصت من تراب الأرض وسموت إلى ما بعدها، فهناك لا أقول انك تجد الله، فالله موجود فى داخلك، ولكننى أقول أن الله رفعك الى ملكوته.. ومن منا لم يبلغها فى فترة أو أخرى فى لمسة أو أخري، فى فيض من النور يبزغ من الفجر أو يتسلل فى الظلام، فى خرير جدول من الماء أو تغريد طير فى السماء أو أعجوبة نبت يشق الحجر فإذا هو كائن يتنفس الحياة.
محمد زكى عبدالقادر
سنة أولى ديمقراطية
للمستشار محمود الوزير

هذا الكتاب.. لماذا ؟
عودة الوعى لكثير من المصريين هى غاية ننشدها جميعا، لنرى بلدنا ارقى دول العالم، وهو حلم قابل للتحقيق لو تكاتفنا جميعا لإصلاح مافسد،واولى وسائل عودة الوعى هى المعرفة، وبها يعلم المصريون ماهى حقوقهم وواجباتهم. وبالتالى نضع مجتمعنا على بداية الطريق الصحيح الذى يصل بنا - بإذن الله- إلى مجتمع نسعد بالعيش فيه،ولأن كلمة الديمقراطية تبارى الكثير لشرحها مابين مؤيد لها وآخرين ادخلوها فى خانة التحريم، رغم وجود نصوص قرآنية تأمر باتباع الشورى فى الأمور كلها ،ولأننا على ابواب انتخابات برلمانية قادمة، نقدم للقارئ العزيز كتاب «سنة اولى ديمقراطية» للمستشار محمود الوزير الذى يقدم لنا فيه شرحا مبسطا لمفهوم كلمة الديمقراطية، و للعملية الإنتخابية، وكيفية حكم الشعب لنفسه، واولى حقوقه فى إختيار نوابه وحقه فى سحب الثقة منهم لو لم يلتزموا بما عاهدوا به.مع تقديمه لنماذج حكومات فى دول عريقة فى تطبيقها للحكم الديمقراطى، لعلنا نستفيد من تجاربهم لنصل للهدف المنشود، وهو تمتعنا جميعا بحكم ديمقراطى ينقل مصرنا الحبيبة لمصاف الدول المتقدمة، ولمكانتها التى تستحقها بالفعل.
ثنــــــاء أبـوالحمــــد
إن السلطة لا تقوم فى الجماعة البشرية إلا لأن الناس فى حاجة إلى الحرية، والحرية لا تكون إلا فى ظل النظام، والنظام لا يستقر إلا فى ظل السلطة. فإذا كان الناس قد قبلوا السلطة فلأنهم فى حاجة ماسة إلى الحرية. ومن ثم فإن من أهم ما يقيد سلطة الحكام المحافظة على الحقوق والحريات العامة.
الشعب صاحب السيادة
الشعوب الفقيرة نوعان، شعوب أفقرتها قسوة الحكومة بين الوعيد والعقاب وهى عاجزة عن كل فضيلة تقريبًا. ذلك أن فقرها جزء من عبوديتها وشعوب فقيرة لأنها مستخفة أو لأنها لم تعرف رغد العيش. هذه الشعوب الأخيرة يمكنها أن تأتى بأمور عظيمة ذلك أن الفقر جزء من حريتها بينما الشعوب الأولى هى التى جعلت الحكومات مستبدة فاسدة بفساد مبادئها مغتصبة لحق سيادتها وشعبها. فكان هذا من أهم العوامل التى أدت إلى خرابها وجعلت الشعب لا شيء فى يد السلطة المطلقة للحكومة تفعل به ما تشاء وقتما تشاء، وجعلته خادمًا لها بعد أن كان سيدًا ولو كان هذا الشعب يعلم حقوقه وما له من قوة وسيادة ما كان ذلك ليحدث أبدًا.
فالسلطة ليس لها مصدر إلا الشعب، هو الذى يمنحها للحكام بإرادته الحرة. وعندما يطيع فليست هذه الطاعة طاعة للحكام ولكنها احترام للنظام، لأنه لا شىء يكبل إرادة الفرد إلا إرادته، والحكام فى الدولة ليسوا إلا مجرد أدوات لممارسة السلطة دون أن يكون لأحد منهم حق فى هذه السلطة وإن مارس كل منهم اختصاصات مستقلة فهم لا يتقاسمون فيما بينهم السلطة العامة وإنما يتقاسمون الاختصاصات فقط. وتلك الاختصاصات ليس لها إلا هدف واحد يجب ألا يحيد عنه ألا وهو العمل فى سبيل مصلحة الشعب. وأن الخروج عن هذا الهدف يعنى عودة السلطة إلى الشعب الذى له أن يرد الحكام إلى حدودهم كما أن له أن يستبدلهم بغيرهم ويوقف طغيانهم حيث إنه الرقيب عليهم. ولا مراء فى أن رضا المحكومين بالسلطة الحاكمة هو الذى يسبغ عليها صفة المشروعية، ويجعلها سلطة قانونية، بل أكثر من ذلك، يجعل للدولة فى ذاتها شرعية.
ولنا أن نتساءل، إن كانت هناك دولة فمن هو صاحب هذه الدولة؟ ومن الذى أقامها؟ ومن الذى أوجد فيها؟ ومن الذى طالب بوضع نظام لها؟ ومن اتفق على هذا النظام ووضعه، ووضع كيفية تطبيقه؟ وكيف أصبح البعض حُكامًا والبعض الآخر محكومين، بعد أن كان الكل حاكمًا وأحرارًا. ولست أعتقد أن هناك من إجابة على تلك الأسئلة جميعها إلا إجابة واحدة ـ لا خلاف فيها ولا جدال ـ هى الشعب. فالشعب هو صاحب السيادة وهو السلطة العليا، التى لا يسمو عليها شىء فى المجتمع ولا تخضع لأحد وتسمو فوق الجميع، وتفرض نفسها على الجميع. فسلطة الشعب سلطة أصيلة، لا تستمد أصلها من سلطة أخرى. وقد يقول قائل الآن: لماذا إذن نخضع للهيئات الإدارية والسلطات فى الدولة؟ وعليه سنجيبه بهذا التحليل أنه إذا نظرنا إلى جميع الهيئات الإدارية الدنيا نجدها تستمد سلطاتها من الهيئات الإدارية العليا وهذه تستمد سلطاتها من القانون، والقانون من وضع الهيئة التشريعية أو البرلمانية، والبرلمان يستمد سلطاته من الدستور، والدستور من صنع الشعب، وسلطة الشعب لا تعلوها سلطة. ومن ثم، تكون سلطة أصلية، ونحن حين نخضع لا نخضع لتلك الهيئات، بل نخضع لسيادة القانون والذى يقتضى خضوع جميع السلطات فى الدولة له، حاكمًا ومحكومين. وهذا المبدأ القانونى يقضى به لصالح الأفراد وحماية لحقوقهم ضد تحكم السلطة والاعتراف بحقوقهم الفردية وذلك ما تضمنته أغلب دساتير الدول الديمقراطية بموجب إعمال مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث فى الدولة (التشريعية، التنفيذية، القضائية). حيث إنه إذا تجمعت السلطات فى يد واحدة فلن تكون هناك أية ضمانة لاحترام هذه القواعد، ولن يقف فى سبيل الحاكم شىء إذا استبد بالسلطة. فمثلًا إذا اجتمعت وظيفة الحكومة ووظيفة البرلمان فى يد واحدة، فإن القانون قد يفقد ضمانته الأساسية، ألا وهى أنه يضع قواعد عامة مجردة لا تسرى بأغراض شخصية. ويصدق نفس الشىء فى حالة اجتماع وظيفتى الحكومة والقضاء فى يد واحدة، فحينئذ يكون القاضى خصمًا وحكمًا فى آن واحد، فيحابى من يشاء ويعسف بمن يريد. ولذلك جاء المبدأ الثالث وهو تدرج السلطات، بمعنى أنه لا يجوز للسلطة الدنيا أن تخالف السلطة العليا فى المجتمع. فالسلطة التشريعية وهى أعلى من السلطتين الأخريين، حيث إنها وكيل ذو سيادة عن الشعب فلا يجوز أن يخالفها من
السلطات من هم أدنى منها. وكذلك الأمر بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية. ولا شك أن هذه الأمور أهم ضمانات حماية الحقوق الفردية ولست أشك فى أن تلك هى العدالة التى يجب أن يكون عليها أى مجتمع.
انظر من حولك فى نواحى المجتمع المحيط بك ثم تفكّر فى حال أولئك الذين يسخرون لذاتهم ولهواهم أقوى عناصر المجتمع جهودًا ويبددون جهود تلك العناصر تبديدًا لا يعود إلا بنتيجة واحدة ألا وهى تقوية سلطاتهم فى جسم المجتمع. وحينئذ فإنك تصل إلى النتيجة المحتومة، ألا وهى أن كل هؤلاء وأمثالهم قبضوا على خناق الطبيعة الإنسانية، وما تلك الثورة فى الواقع إلا نظير كل ثورة تماثلها وهى نتاج لما حاولت القوى المستبدة أن تخنق من نشوء الطبيعة الإنسانية لأن مختلف صور السياسات القائمة فى نواحى الأرض خاضعة للرغبات الإنسانية فحتى فى الخضوع للاستبداد اختيار بين الخضوع وبين الموت. ومن هنا ينهض الفارق الأساسى بين الشعوب المتخلفة والشعوب المتقدمة، فهذه الأولى بعد أن يأست من الإصلاح ارتمت فى أحضان الاستبداد، بينما الشعوب المتقدمة تدافع ضد هذا الاستبداد وعن ذاك المصير دفاع المستميت ومنذ ذلك الحين صارت التفرقة بينهما. وليس منا من ينكر أن فى حياتنا السياسية فسادًا وأن فى مجتمعنا مساوئ ولكن من ذا الذى فى وسعه الإتيان بما هو أضمن سبيلًا إلى السلامة والإصلاح إلا نحن، لأن الإصلاح الحقيقى هو ما ينبثق من داخل أنفسنا. كما أن الثورات التى قامت فى البلاد، حتى الآن، لم تكن إلا حركات جذرية ومن ثم فيجب علينا جميعًا أن ننتهج طريق التقدم والتطور. فإن الأفراد فردًا فردًا فى كتلة العامة ليس لهم من القيمة الشىء الكبير ولكنهم لهم قيمة عظيمة فى مجموعهم.
وعلى ذلك يمكن تشبيه الشعب بأولئك العميان الخمسة الذين ذهبوا لمشاهدة الفيل وإذا لمس كلٌ منهم جانبًا مختلفًا منه فقد كونوا فى أنفسهم آراءً مختلفة، عن حجمه وشكله. وهكذا، نحن، فمهما توخينا النزاهة والدقة فإن الاختلاف فى نشأة كلٍ منا ومصالحه ثم فى مدى إدراك كلٍ منا وفهمه يؤدى بنا إلى أن نكون لأنفسنا وجهات نظر فى الأمور قد لا يتفق بعضها مع البعض الآخر ولكن أصحاب النظرة الكلية حين يقبلون على السلطة فإنهم يعمدون إلى فرض سياستهم الخاصة بهم والقضاء على كل تعبير مناقض لهم. وهناك نتيجة أخرى لها ما لها من الحكمة أنه مهما كانت تلك الأيادى التى تُسَلَّم إليها السلطة نقية وقوية فإن التبصر يقتضى أن تتخذ الضمانات من الأخطاء وسوء الاستعمال التى يرتكبها الضعف الإنسانى وغيره من الأعذار، أنه مهما تكن الثقة التى يستحقها رجال الحكومة فلا يزال السبيل الآمن أن يُوكَل الأمرُ إلى سيادة الشعب، ولا غرابة ألا يكون معنى السيادة وأسلوب تطبيقها أوضح فهمًا حتى عند الشعوب التى نشأت فيها وترعرعت على يديها، لأن الشعب يريد خيره باستمرار ولكن قد لا يراه دائمًا. والشعب لا يمكن أن يُرشَى، ولكنه يمكن أن يُضلَّل فى كثير من الأحيان. وهذا وحده ما يجعله يبدو أنه أخطأ السبيل وذلك ما دفعنى لاختيار هذا الكتاب، هادفًا من ذلك أن يكون بمثابة قواعد أساسية للذين يعيشون فى الشعب ولا يفقهون شيئًا عن حقوقهم السيادية وقد يختلف معى البعض فيقول أن هناك حقوقًا كثيرة أهم من سيادة الشعب! ولكننى أجيبه بكل ثقة وأؤكد له أن معرفة الشعب لحقوقه السيادية، وكيفية مزاولتها هى بلا شك إصلاح الإصلاحات وأساس جميع الحقوق فى الدولة. فليس من المنطقى أن يطالب بحق دون أن يتم إظهار هذا الحق أولًا، وأساسه الذى بنى عليه، ولماذا أصبح حقًا، فكثير من أفراد الشعب يتحدثون عن الحكومة ولا يعلمون أوجه حقوقهم السيادية تجاهها، وآخرون كثيرون يتحدثون عن البرلمان ولكن لم يذكر أحد الحقوق السيادية للشعب على البرلمان ونوابه وطرق ممارسة تلك السيادة. إذًا لنا أن نعلم أن الشعب بلا سيادة كالدولة بلا دستور.
المستشار محمود الوزير
10 قصص لكتاب جدد

يسعد كتاب اليوم بتقديم عشرة أقلام مبدعة جديدة فى أصدارها القادم بعنوان " 10 قصص لكتاب جدد" تقديم د.أحمد الخميسى القصص المنشوره هى الفائزة فى مسابقة كتاب اليوم للقصة القصيرة التى نظمتها دار أخبار اليوم مؤخرا.
: القصص الفائزه هى
1-الجنرال: للمؤلف مجدى محمد عبد اللطيف
2-الغريب: للمؤلف عبد المؤمن احمد عبد العال
3-باب النجار:للمؤلف محمد حسن محمد
4-المسكونة: للمؤلف مصطفى سليم
5-المعدية نمرة 6:للمؤلف محمد عبد ربه
6-الجميلات لايستيقظن مبكرا:للمؤلف حسام الدين فاروق
7-شظايا: للمؤلفة مى أشرف حمدى
8-القناص: للمؤلف خيرى عبد العزيز
9-صباح الفل: للمؤلف هيثم محمد محمود
10-من أجلك أنت:للمؤلفة نهى العمروسى
2-الغريب: للمؤلف عبد المؤمن احمد عبد العال
3-باب النجار:للمؤلف محمد حسن محمد
4-المسكونة: للمؤلف مصطفى سليم
5-المعدية نمرة 6:للمؤلف محمد عبد ربه
6-الجميلات لايستيقظن مبكرا:للمؤلف حسام الدين فاروق
7-شظايا: للمؤلفة مى أشرف حمدى
8-القناص: للمؤلف خيرى عبد العزيز
9-صباح الفل: للمؤلف هيثم محمد محمود
10-من أجلك أنت:للمؤلفة نهى العمروسى
أن الثقافة اخطر من أن تكون من كماليات الحياة لأن الحياة نفسها هى الوجود المثقف للكائنات
د.يوسف ادريس
هذا الكتاب .. لماذا؟
على خطى الأخوان مصطفى وعلى امين عملاقا الصحافة المصرية والعربية فى إكتشاف المواهب الفنية فى جميع المجالات نسعد فى كتاب اليوم بتقديم عشرة نجوم جديدة فى عالم القصة القصيرة حصلوا على المراكزالأولى فى مسابقة القصة القصيرة التى نظمها كتاب اليوم مؤخرا وقررنا ان تكون الجائزة هى نشر القصص الفائزة فى إصدار لنا يحمل عنوان "10 قصص لكتاب جدد" لنعلن عن ميلاد عشرة أقلام جديدة مبدعة فى عالم القصة القصيرة،جمعها حب الكتابة وحب الوطن فقد شغلت هموم الوطن بعض منها لتؤكد لنا ان مصرنا الحبيبة ستظل هى الشغل الشاغل لنا جميعا نرصد ما حدث لها لنستطيع الوصول بها الى بر الأمان مهما كان حجم السلبيات، عشرة اقلام تسعى للإنضمام لركب الكتاب الكبار الذين خلدوا اسماءهم بحروف من نور فى عالم القصة القصيرة،معبرين عن هموم الإنسان المصرى وما طرأ عليه من تغيرات نفسية تعود الى اسباب كثيرة لا مجال لإختزالها فى قصة قصيرة ولكن هذه القصص تجمع فى طياتها معانى إنسانية رقيقة تؤكد على قدرة الكتابة على إحداث التغير المطلوب ربما يكون بطيئا ولكنه بالتأكيد قادما لامحالة،ولكل مبدع من هؤلاء نقول ان مشوار الف ميل يبدأ بخطوة وها هى اولى الخطوات.
ثناء ابوالحمد
هذه المجموعة
د. أحمد الخميسي
نقدم للقارئ هنا القصص العشر الأفضل من بين كل القصص التي قدمت لمسابقة "كتاب اليوم". قصص لكتاب جدد مختلفين من حيث السن والخبرة والرؤى والطموح الأدبي والعوالم التي تسكنهم فكريا وفنيا، لكنهم جميعا عشاق مخلصون لفن القصة، يؤمنون بأهمية ما يكتبون، ينطبق عليهم من دون استثناء قول الأديب العظيم جون شتاينك"على الكاتب أن يؤمن بأن ما يفعله هو أهم شيء في العالم، وعليه أن يتمسك بهذا الوهم حتى وهو متأكد أنه مخطئ". بين أولئك الكتاب سنجد قواسم مشتركة على تنوع القضايا والأساليب الأدبية، أحيانا فيما يتعلق بضعف الخبرة الأدبية بدرجات متفاوتة في منطقة أو أخرى، كالوصف عند البعض، أو الحوار، أو رسم الشخصيات، أو تطور الحدث، أو حتى مفهوم القصة القصيرة كشكل أدبي. ليس في ذلك ما يعيب لأن الخبرات تتراكم بالعمل ولا يولد بها كاتب. أتذكر بهذا الصدد الروائي الروسي العظيم"دوستويفسكي" صاحب "الجريمة والعقاب" وغيرها الذي تكاد رواياته الأولى لضعف تجربته في بداياته أن توحي بأنه ليس أديبا! نقص الخبرة ليس عيبا. الخطر تجاهل النقص، خاصة عندما يتصل الأمر باللغة التي يستخف بها معظم الأدباء من الشباب بصفتها مجرد منظومة من القواعد وليس أنها أداة التعبير والوسيلة التي يتمكن بها المؤلف من بلوغ ما يريده وتحديده ورسمه بدقة. لهذا كان الأستاذ الكبير يحيي حقي يلح على أنه " لايوجد أدب من دون عشق للغة". وليس من قبيل المصادفة أن كل الأدباء الكبار في تاريخ الأدب العربي والعالمي كانوا " لغويين" عظام!
ربما ينبغي علينا هنا أن نبدأ بقصة " الجنرال" للكاتب الموهوب مجدي عزمي التي شغلت المركز الأول بجدارة. فيها يخاطب الكاتب مباشرة الشهيد عبد المنعم رياض: " قبعتك العسكرية فوق قامتك المنتصبة وسط الميدان. تبدو كهمزة شامخة بين حروف الارتخاء. حلتك العسكرية التي لا تتغير بتوالي الفصول لازالت برونقها". ويعرض لنا قلق الشهيد بشأن " تقسيم منابع النيل" ويخاطبه بقوله : " أنت وحدك تشعر بالخطر. تمسك منظارك الحربي بين يديك، كأنك متأهب لقتال عدو لايراه سواك". ولو استمر الكاتب مجدي عزمي على هذا المنوال ما كان لنا أن نتحدث عن قصة ! لكنه يلتف فجأة ليحول العمل بلمسة واحدة إلي قصة حين يستدعى حافلة تكاد تصدم النصب التذكاري، نسمع بعدها صوت محصل التذاكر يقول " عبد المنعم رياض.. والآخر". بهذا يتجسد المعنى أمامنا بقوة. البطولة هي البداية وهي النهاية "والآخر" هي قدر مصر وشموخها. هكذا نجد أنفسنا أمام قصة قادرة على التأثير باستحضار الماضي وامتداده البطولي وتأثيره في حاضرنا وقدرته على أن يصوغ المستقبل. القصص الأخرى التسع أشكال أخرى من الجمال والتعبير المتنوع. قصة "القناص" لخيري أحمد - واحدة من ألمع القصص العشر- سواء من حيث التوتر السردي، أو من حيث المعنى الذي تنطق به قصته إذ يقول لنا إننا حين نقتل الآخرين إنما نقتل أنفسنا. في قصة " الغريب" يقدم لنا عبد المؤمن أحمد عملا جميلا يغترفه من نبع ثري هو موضوع " القرين" الذي يظهر لصاحبه بصفته تجسيدا له في ذات أخرى، أو " ذات ثانية" تلوح بشكل شبحي. وتقترب من هذا العالم الباطني الكاتبة مي أشرف حمدي في قصتها " شظايا" وفيها نجد عزفا جميلا وصادقا على موضوع الهواجس والمخاوف الباطنية التي تخلقها الوحدة المريرة. قصة " المسكونة" لمصطفى سليم إبحار إلي عالم الخيال الرحب الذي يحررنا من وطأة الواقع بغباره وعرقه وضوضائه ويتجه بنا إلي عالم تكون فيه"الروح في حضرة المقام". الكاتب حسام عمار يقدم " الجميلات لا يستيقظن مبكرا" وفيها يطارد برهافة رائحة الياسمين التي يفوح بها الحب. في قصة" من أجلك أنت" تستحضر نهى محمد العمروسي لحظة عشق تروغ بنعومة ورقة في الشعور والزمن لتتجاوز:" حدود كل منطق لا يعترف بأشواقها التي تكفى لإحداث إنفجار كوني جديد قادر على إعادة ترتيب الكواكب والمجرات". ويعود بنا محمد حسن غانم في " باب النجار مخلع" إلي الريف وحكايات يوسف إدريس الممتعة، لكنه يكتب عالمه الخاص الذي يعرفه عن قرب ويشيد منه بناء قصصيا أقرب إلي مشروع رواية قصيرة. في " صباح الفل " يرجع هيثم علي إلي القصة التقليدية بدءا من العنوان حتى المعالجة والموضوع، لكنه رجوع يكشف عن قدرات الكاتب وموهبته. أما في القصة الجميلة " المعدية رقم 6" لمحمد عبد ربه خضر يطرح كاتبها بإخلاص وحرارة قضية الوطن وحراسه وشهدائه التي سبق لمجدي عزام أن تناولها بطريقة مختلفة.
تقول الكاتبة الانجليزية العظيمة ماري آن إيفانس إن "المكافأة على مهمة أنجزت هي القوة على إنجاز مهمة أخرى". لهذا نأمل أن نشر هذه القصص في كتاب اليوم سيمد أصحابها بالقوة لإنجاز المزيد من الأعمال الإبداعية. تحية لعشرة كتاب جدد مبدعين. وليكن هذا الكتاب عهدا على مواصلة السير على طريق الأدب والتشبث خلال الرحلة بقول الأديب الروسي باوستوفسكي " الذي يمضى على طريق الكتابة مرة لا ينكص عنه أبدا ".
ربما ينبغي علينا هنا أن نبدأ بقصة " الجنرال" للكاتب الموهوب مجدي عزمي التي شغلت المركز الأول بجدارة. فيها يخاطب الكاتب مباشرة الشهيد عبد المنعم رياض: " قبعتك العسكرية فوق قامتك المنتصبة وسط الميدان. تبدو كهمزة شامخة بين حروف الارتخاء. حلتك العسكرية التي لا تتغير بتوالي الفصول لازالت برونقها". ويعرض لنا قلق الشهيد بشأن " تقسيم منابع النيل" ويخاطبه بقوله : " أنت وحدك تشعر بالخطر. تمسك منظارك الحربي بين يديك، كأنك متأهب لقتال عدو لايراه سواك". ولو استمر الكاتب مجدي عزمي على هذا المنوال ما كان لنا أن نتحدث عن قصة ! لكنه يلتف فجأة ليحول العمل بلمسة واحدة إلي قصة حين يستدعى حافلة تكاد تصدم النصب التذكاري، نسمع بعدها صوت محصل التذاكر يقول " عبد المنعم رياض.. والآخر". بهذا يتجسد المعنى أمامنا بقوة. البطولة هي البداية وهي النهاية "والآخر" هي قدر مصر وشموخها. هكذا نجد أنفسنا أمام قصة قادرة على التأثير باستحضار الماضي وامتداده البطولي وتأثيره في حاضرنا وقدرته على أن يصوغ المستقبل. القصص الأخرى التسع أشكال أخرى من الجمال والتعبير المتنوع. قصة "القناص" لخيري أحمد - واحدة من ألمع القصص العشر- سواء من حيث التوتر السردي، أو من حيث المعنى الذي تنطق به قصته إذ يقول لنا إننا حين نقتل الآخرين إنما نقتل أنفسنا. في قصة " الغريب" يقدم لنا عبد المؤمن أحمد عملا جميلا يغترفه من نبع ثري هو موضوع " القرين" الذي يظهر لصاحبه بصفته تجسيدا له في ذات أخرى، أو " ذات ثانية" تلوح بشكل شبحي. وتقترب من هذا العالم الباطني الكاتبة مي أشرف حمدي في قصتها " شظايا" وفيها نجد عزفا جميلا وصادقا على موضوع الهواجس والمخاوف الباطنية التي تخلقها الوحدة المريرة. قصة " المسكونة" لمصطفى سليم إبحار إلي عالم الخيال الرحب الذي يحررنا من وطأة الواقع بغباره وعرقه وضوضائه ويتجه بنا إلي عالم تكون فيه"الروح في حضرة المقام". الكاتب حسام عمار يقدم " الجميلات لا يستيقظن مبكرا" وفيها يطارد برهافة رائحة الياسمين التي يفوح بها الحب. في قصة" من أجلك أنت" تستحضر نهى محمد العمروسي لحظة عشق تروغ بنعومة ورقة في الشعور والزمن لتتجاوز:" حدود كل منطق لا يعترف بأشواقها التي تكفى لإحداث إنفجار كوني جديد قادر على إعادة ترتيب الكواكب والمجرات". ويعود بنا محمد حسن غانم في " باب النجار مخلع" إلي الريف وحكايات يوسف إدريس الممتعة، لكنه يكتب عالمه الخاص الذي يعرفه عن قرب ويشيد منه بناء قصصيا أقرب إلي مشروع رواية قصيرة. في " صباح الفل " يرجع هيثم علي إلي القصة التقليدية بدءا من العنوان حتى المعالجة والموضوع، لكنه رجوع يكشف عن قدرات الكاتب وموهبته. أما في القصة الجميلة " المعدية رقم 6" لمحمد عبد ربه خضر يطرح كاتبها بإخلاص وحرارة قضية الوطن وحراسه وشهدائه التي سبق لمجدي عزام أن تناولها بطريقة مختلفة.
تقول الكاتبة الانجليزية العظيمة ماري آن إيفانس إن "المكافأة على مهمة أنجزت هي القوة على إنجاز مهمة أخرى". لهذا نأمل أن نشر هذه القصص في كتاب اليوم سيمد أصحابها بالقوة لإنجاز المزيد من الأعمال الإبداعية. تحية لعشرة كتاب جدد مبدعين. وليكن هذا الكتاب عهدا على مواصلة السير على طريق الأدب والتشبث خلال الرحلة بقول الأديب الروسي باوستوفسكي " الذي يمضى على طريق الكتابة مرة لا ينكص عنه أبدا ".
بكير .. عاشق سيناء
سيرة ذاتية

ثنــــــاء أبـوالحمــــد
فى هذه الأيام التاريخية من حياة مصر الحضارة التى أثارت العالم، وبعد ثورتى الـ 25 يناير المباركة وثورة التصحيح الكبرى فى 30 يونيو. سيناء الأرض المقدسة من ثرى مصر الأم.. عبق التاريخ.. ومهبط الرسالات ومسار الأنبياء أرض البطولات تجتاز منعطفاً تاريخياً لتحقيق شعار «سيناء أرض المستقبل المصرى الواعد» وسيناء قلب مصر النابض ودرة الاقتصاد المصرى ودرعها الشرقى الفولاذى وأبناؤها المصريون الأبطال الذين أعطوا مصر الأم الكثير من الشهداء فى معارك 48 و 56 و67 ومعارك الاستنزاف، ثم معركة النصر الكبرى معركة أكتوبر المجيدة التى حقق فيها خير أجناد الأرض «جند مصر» النصر التاريخى العظيم مع معركة التحرير الكبرى فى السادس من أكتوبر 1973 العاشر من رمضان تحت صيحة الله أكبر التى هزت الأرض تحت أقدام العدو الإسرائيلى، واستطاع جيشنا العظيم أن يهزم جيش إسرائىل الذى ادعى أنه الجيش الذى لا يهزم صاحب الذراع الطويلة.. وعادت سيناء الحبيبة إلى أحضان الوطن الأم مصر.. ورغم التهميش والعزلة أصبحت اليوم وبعد الثورة المباركة القضية القومية الأولى فى التنمية الشاملة فى مجالات التعدين والزراعة والسياحة والثروة السمكية والبترول، وخلق مجتمعات جديدة، والمساهمة الفعالة فى حل مشاكل مصر المؤمنة أمثال حل مشكلة البطالة والانفجار السكانى فى الوادى الضيق.. ودعم الاقتصاد القومى والتجمعات السكانية وخاصة الشباب.. لتكوين الحائط البشرى الفولاذى لأن الفراغ يغرى العدوان.. واهتمام الدولة بتنمية سيناء وأجهزة مختصة لها واهتمام الدولة صاحبة القرار أمر مهم من خلال خطة مدروسة يضعها متخصصون أصحاب رسالة.. مع توفير الامكانات المطلوبة من أجل الأجيال القادمة.. وسيناء حباها الله بالمناظر الخلابة.. وأصبح فيها الإنسان فناناً بطبعه ويولد الطفل فى سيناء ومعه نصيبه من الوطنية.. ولقد ولدت من رحم سيناء وتنفست من هوائها النقى.. فسيناء بها زرقة البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر والرمال الذهبية النظيفة.. وغابات النخيل بتيجانه الخضراء وشموخه شموخ الإنسان المصرى وغابات الزيتون فى وادى العريش رمز السلام.. والغرود والجبال الشاهقة بألوانها البنفسجية والبنية وسياحة السفارى العالمية والغطس والشعب المرجانية.. والأسماك الملونة فى جنوب سيناء والتى تشد أنظار العالم ويحضرون للاستمتاع بها.. والمحميات الطبيعية أمثال رأس محمد ومحمية الزرانيق ملتقى طيور العالم حيث الدفء والسلام وطيور السمان والخريف ومهرجانات الهجن العربية الأصيلة ونواصى الخيول العربية.. وحفلات السامر ورقصات الدحية والشعر النبطى ومشغولات الابرة وملابس البادية ذات الموتيفات الشعبية الثرية بألوانها والاكلمة المرقومة.. وخروج الجمال والمشغولات الذهبية والفضية والخشبية والفخارية النادرة ذات الطابع السيناوى.. وفوق هذا سيناء تمتلك خامات اقتصادية لا تمتلكها بعض الدول المجاورة.. وبعد الثورة المباركة نأمل فى استغلالها من أجل شعب مصر وتوطين 3 ملايين مصرى منتج على أرض سيناء.. لتكوين الحائط البشرى الفولاذى من شباب مصر. وسيناء بها الكثير من المواقع السياحية الفرعونية أمثال قلعة ثارو.. وطريق حورس الحربى ومعبد سرابيط الخادم فى جنوب سيناء.. وبها طريق العائلة المقدسة وهى راكبة اتان فارة من بطش الرومان فى فلسطين إلى أرض السلام مصر عبر سيناء وطريق داهية العرب عمرو بن العاص.. وهو فى طريقه لفتح مصر عبر سيناء ومواقعه التاريخية فى منطقة المساعيد بمدينة العريش.. وكيف انتصر على جيش الرومان القوى حول قلعة الفرما الشهيرة عند قرية بالوظة.. وسيدنا ابراهيم عليه السلام تزوج من ستنا هاجر.. وهى من بنات قرية بالوظة التابعة لقسم بئر العبد بشمال سيناء. وقدسية سيناء لمصر منذ التاريخ فهى الأرض الوحيدة فى الأرض التى تجلى عليها الله سبحانه وتعالى عندما كلم موسى عليه السلام ربه على جبل موسى المجاور لدير سانت كاترين فى جنوب سيناء.. ومعبد سرابيط الخادم لأجدادنا الفراعنة منحوت/ ليف على جدرانه أن فرعون مصر لا يتوج فرعوناً لمصر.. إلا إذا حج إلى سيناء وارتدى فى معبد سرابيط الخادم تاج الفرعونية من نحاس سيناء مرصع بفيروزها.. ثم يزف بالأهازيج والترانيم الفرعونية إلى مصر.. وبذلك يتوج فرعوناً لمصر.. وعندما قام القائد العربى عمرو بن العاص بفتح مصر جاءه خطاب من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يقول له».. إذا دخلت حدود مصر فسر بحملتك، وإذا لم تدخلها فعد ثانية بجيش المسلمين».. فقال له المستشارون: أنت على مشارف مدينة العريش أولى حدود المدن المصرية فقال «المساءعيد» لقد كتبت علينا الشهادة».. وسار فى حملته. ومنطقة المساعيد ضاحية من ضواحى العريش عاصمة شمال سيناء. هذه هى سيناء المصرية المقدسة المباركة الأسطورة فى تاريخ مصر أرض المستقبل الواعد.
مصطفـى بكـير
العرايا

الكاتب المبدع عصام دراز عاش حياته مهموما بأوجاع الوطن وأحزانه، متابعا ما طرأ على الإنسان المصرى من تغيرات فى الشخصية بفعل عوامل داخلية وأخرى خارجية. وهو ماعبر عنه فى أعماله الأدبية، وفى هذه المجموعة القصصية «العرايا» يكشف بحرفية وسلاسة أدبية واقعنا المصرى بكل سلبياته وإيجابياته، ولأنه ذو خلفية عسكرية يظل واقع الجندى المصرى كامناً فى خيال الروائى ليقدمه لنا بكل حيادية وحب وإيمان بقدرة المصرى على تحقيق النصر مهما كانت التحديات. نسعد بتقديم «العرايا» لكاتب متميز عاشق لتراب هذا الوطن، وهو مايبدو فى كل سطر يبدعه.
ثنـــاء أبوالحمــــد
مواقف العقاد السياسية

ينفرد العقاد فى وجدان الشعب المصرى بمكانة خاصة، حيث استوعب تراث أمته وهضم ثقافتها وعايش كل همومها لدرجة أنه صار ظاهرة فريدة فى عالم السياسة والأدب والفكر، حيث بدت كل ملامح النبوغ والتفرد فى شخصيته التى اتسمت بعصامية شديدة.
إنها بكل صدق ظاهرة لافتة، حيث عاش حياته بطريقة عجيبة فلقد توحدت فى شخصيته كل مظاهر العبقرية الإنسانية فلا يذكره الناس إلا مقترنًا برأى جديد أو فكرة نادرة أو موقف ينم عن صلابة لا تلين، ضاربًا عرض الحائط بما يشغل الكثيرين من مصالح شخصية تدفع بأصحابها إلى التريث وإعادة النظر بما يحقق التوازن بين المصالح الخاصة والمصالح العامة، أما العقاد فقد رفض فكرة التوازن هذه، لا يعرف أنصاف الحلول ولا يقيس المسائل وفق رؤية كثير من الناس، الألوان لديه غير متداخلة والصورة أمامه دقيقة الملامح والفكرة لديه واضحة كالشمس.
لعل النشأة العصامية قد حددت ملامح فلسفته فى الأدب والسياسة والحياة، فلقد علَّم نفسه وخطا خطواته بثبات وعبقرية دون أن يستند إلى «واسطة» أو جاه.. عبقريته فقط هى التى دفعت به إلى مقدمة الصفوف، ومنذ أن عرف طريقه إلى عالم الصحافة والسياسة بدءًا من 1907 لم يهادن ولم يجامل ولم يساوم بل مضى وبثبات عجيب يختار موقفه وموقعه بعناية وتفرد رافضًا كل العروض التى لا تتفق واختياره العقلى والمنطقى وفق رؤيته التى كانت ثاقبة أحيانًا، وبعيدة عن الموضوعية فى بعض الأحيان. أعترف أن شخصية العقاد قد بهرتني، فقد انشغل بكل شيء وشغل كل الناس وصار حالة مصرية متفردة.
ووسط الصخب والتطاحن والتدافع والجلبة نشأ عباس العقاد مدركًا منذ الوهلة الأولى قضية وطنه مستوعبًا تاريخه وجغرافيته ملمًا بشكل دقيق بكل الخيوط والتفاصيل . ولعل أسوان بملامحها المصرية الدقيقة قد شكلت وجدان هذا الفتى الأسواني، فهى المدينة التى تتجسد فى ملامح أهلها كل مقومات الشخصية المصرية فهى بيئة مصرية خالصة، حيث يبدو نبض الحياة المصرية أكثر صدقًا وملامح الشخصية المصرية أكثر نقاء، وارتباط الناس بالنيل والشمس ونظرتهم إلى الشمال فى حالة من الترقب والتحفز الدائمين، فالحاكم يأتى من الشمال والقرارات التى تنظم أمور الحياة رهن بالشمال والكتاب والصحيفة والأخبار تأتى أيضًا من الشمال.فى تلك البيئة الصافية النقية نشأ العقاد وجمع تفاصيل قضية وطنه واستوعبها بوعى وإدراك شديدين.
واللافت للنظر أن ما كتبه العقاد فى مجال الأدب والفكر والثقافة قد شغل الناس لدرجة أن التراث السياسى للعقاد قد أصبح وكأنه شيء هامشى لا يستحق الالتفات وصنف العقاد كرائد فى مجال الأدب والشعر والثقافة الإنسانية عمومًا، ولم يلتفت المؤرخون إلى أن الرجل كان له باع فى السياسة وكانت له معاركه التى شغلت مساحة كبيرة فى تاريخ مصر السياسي، وكانت من الأهمية لدرجة أن عددًا من الباحثين فى مجال الأدب قد شغلتهم هذه القضية وراحوا يدلون بدلائهم
باعتبار العقاد رائدًا من روادهم.
لم يلتفت الكثيرون لكتابات العقاد الصحفية، بينما حظيت كتبه بقدر كبير من عناية مؤرخى ونقاد الأدب، وقد رأت دار الكتب والوثائق القومية أهمية جمع هذا التراث المتناثر فى الدوريات، منذ عام 1907، وهى البدايات الأولى لكتابات العقاد فى الصحافة، وهى كتابات قد اتسم بعضها بقدر من الحدّة، وهو ما يفسر عدوله عن كثير من تلك المواقف التى بدت متشددة، وخصوصًا فيما يتعلق برؤيته للآخر المختلف معه سواء فى الدين أو السياسة.
وأعترف أن ما جاء فى المجلد الأول من مقالات يعد كشفًا حقيقّيًا لميلاد مفكر وأديب كبير، فكتابات العقاد السياسية خلال الفترة من 1907 حتى 1914 جديرة بأن يُعنى بها الباحثون فى حقل الدراسات التاريخية والسياسية، تلك الحياة العريضة الخصبة بصراعاتها وتدافعها تعد مجالاً لدراسات جادة.
وبصراحة شديدة فلقد حظيت هذه المقالات برؤى وأفكار فى شتى مجالات المعرفة، وخصوصًا فيما يتعلق بالرؤى السياسية، حيث يصعب انسلاخ العقاد الأديب والمفكر عن العقاد السياسى، سواء فيما كتبه العقاد فى الفكر السياسى؛ أو حتى فى مواقفه التى عبّر عنها فى كتاباته التى بدت وكأنها تتسم بقدر من التناقض، إلا أن الدراسة الموضوعية لكل قضية على حدة تفسر كل ما يبدو متناقضًا.
إن الكتابة عن العقاد تقضى بتحديد ثلاث مراحل أساسية، تبدو وكأن كل مرحلة قد اختلفت عن الأخرى بشكل واضح:
الفترة من 1907 وحتى 1919، وقد اتسمت بقدر من الحيرة والقلق، فالثورة العرابية وما ترتب عليها من نتائج خطيرة كانت صورة حية فى فكر العقاد الذى ارتبط وجدانيًا بعرابى، لدرجة أنه رفعه إلى ما يشبه الأساطير، وأخذ يبرر كل مواقفه ويتهم منتقديه بالضعف والتخاذل، وهو ما باعد كثيرًا بين العقاد ومصطفى كامل.
وعلى الرغم من أن الحياة السياسية المصرية فى بداية القرن العشرين قد اتسمت بالصخب والتدافع بسبب حركة مصطفى كامل الذى استطاع أن يميل إليه معظم الشباب، إلا أن العقاد بقى متفردًا فى موقفه رافضًا الانضمام إلى أى من الأحزاب السياسية القائمة وقتئذ، إلى أن قامت ثورة 1919 وما أعقبها من ظهور حزب الوفد وظهور العقاد كأحد فلاسفته الكبار، بعد أن راح يرصد تفاصيل الحياة المصرية بأسلوب المفكر والفيلسوف مؤيدًا لمصطفى كامل أحيانًا، ومنتقدًا إياه بمرارة شديدة فى أحيان أخرى، وخصوصًا فيما يتعلق بموقفه من الدولة العثمانية أو فى موقفه من فرنسا، التى كان يعول عليها كثيرًا. وتبدو مواقف العقاد، التى يفسرها البعض على أنها تحمل قدرًا من التناقض، حيث يتعاطف مع الحزب الوطنى أحيانًا ويهاجمه فى أحيان أخرى، يقرأ ما كتبه النديم بنهم شديد ويعترف بأنه تأثر به كثيرًا إلا أنه لا يتردد عن السخرية منه فى مواقف كثيرة.
ثم تقع الحرب العالمية الأولى، ولايزال العقاد يرصد الأشياء بأسلوب الفلاسفة، ويعبر عن أفكاره بطريقة الحكماء وتمضى القضية المصرية إلى طريق مجهول وتقع أحداث ثورة 1919 التى هزت وجدان العقاد الذى خرج عن تردده وذاب بكل مشاعره فى أتون الثورة.
لعل الفترة من 1919 وحتى 1953، تمثل مرحلة أخرى فى حياة العقاد، فالثورة قد قطعت عليه كل تردده، حينما راح يكتب مقالاته النارية التى أصبحت بمثابة منشورات ثورية تعبر عن المطالب الوطنية، لقد جمعت كتاباته بين السياسية العميقة، والحجج التاريخية والقانونية، التى عبرت عن ثقافة سياسية واجتماعية متقدمة، لدرجة أهلته لكى يكون معبرًا عن الثورة وأهدافها وتوطدت علاقاته بسعد زغلول، الذى أدرك إمكانات العقاد وطبيعة شخصيته المتمردة وحسه الوطنى الرفيع، فأنزله مكانة خاصة أهلته لكى يكون أحد المقربين لدى زعامة الوفد، حيث اطلع على تفاصيل السياسة المصرية واستوعب أسرارها مما عمق من رؤيته السياسية، وطبّع كتاباته بطابع الدقة ، فقد تجاوز الرجل خلال تلك الفترة مرحلة الكتابة فقط، حيث أصبح واحدًا من الذين يعول على رأيهم مما ضاعف من ارتباطه بسعد زغلول.
وتبقى الفترة من 1935 وحتى 1952 مرحلة يبدو فيها وكأن العقاد قد تخلى عن دوره الوطنى والشعبى، حيث لم يدرك مصطفى النحاس طبيعة شخصية العقاد الذى رفض ما يعرف باسم الالتزام الحزبى، لذا وقع التصادم بين الرجلين حينما تعرضت القضية المصرية لكثير من المساومات التى بددت كثيرًا من نضال الشعب المصرى، ولعل معاهدة 1936 تمثل ترجمة عملية للواقع المصرى الذى اختلف كثيرًا عن سنة 1919، لقد كانت سلسلة الانقسامات التى تعرض لها الوفد بدءًا من خروج الأحرار الدستوريين وانتهاء بالهيئة السعدية ثم الكتلة الوفدية كل ذلك قد شكّل واقعًا سياسيًّا كان العقاد منخرطًا فيه.
أعتقد أن هذه المقالات التى تشكل بدايات العقاد الأولى، تعد كشفًا علميًّا عن تراث رجل يعد ظاهرة ثقافية وسياسية وإنسانية، لعلنا ونحن نقدم هذا العمل نكون قد قدمنا خدمة جليلة لوطن متحرق شوقًا نحو المعرفة، وفاء لرائد من روادنا الكبار الذين ملأوا حياتنا ثقافة وطموحًا ومجدًا.
د. محمد صابر عرب
لقاء عابر
قصص روسية
ترجمة وتقديم د. أحمد الخميسي

يعد الأدب الروسى واحداً من أعظم الآداب العالمية لما تميز به من الصدق فى التعبير عن الحياة الواقعية بالإضافة لدعوته إلى الإصلاح الاجتماعى ،من خلال أدب شديد الإنسانية والسمو الفكرى وعذوبة فى طرح الأفكار واختيار لغة أدبية راقية،الأدب الروسى العالمى الذى قدم لنا كتاباً مثل «بوريس باسترناك» وروايته«دكتور زيفاجو» و«ليو تولستوى»ورائعته«الحرب والسلام» وانطون تشيكوف أعظم كتّاب القصة القصيرة، لكل هذا نسعد بتقديم مجموعة قصصية مترجمة عن الروسية بعنوان «لقاء عابر» ترجمة الدكتور أحمد الخميسى، والذى يقدم لنا مختارات من أحدث إبداعات الأدب الروسى كنافذه رحبة لكل جديد فى القصة القصيرة الروسية ولأسماء كتاب معروفة وبعضها يقدمها لنا wرائعة من لوحات تشكيلية لفنانين روس لتكتمل المتعة البصرية من خلال الكلمة واللوحة.
ثنــــاء أبـو الحمـــد
فى حديثه عن نشأة القصة القصيرة المصرية أشار كاتبنا الكبير يحيى حقى أنها تبلورت بالأساس تحت تأثير كاتبين عظيمين هما : موبسان الفرنسى وتشيخوف الروسي. وكان لكل كاتب جماعة من أنصاره لا تقبل بغير أعماله نموذجا يحتذى. منذ ذلك الحين لم ينقطع تأثير الأدب الروسى ولا توقف التفاعل الثقافى المصرى معه. ونقدم للقارئ هنا مجموعة مختارة من القصص الروسية تستكمل مسيرة التعرف إلى الأدب الروسى الذى حظى باعتراف عالمي. هى قصص تضع أمام القارئ لوحة كبيرة تتقاطع باساليب مختلفة مع تجارب حياتية وشعورية متعددة وغنية ، بدءا من علاقات المحبة إلى الحرب والموت حتى الاستنباط الفلسفى لمغزى الحياة وانتهاء بالسخرية التى لازمت الأدب الروسى منذ نشأته. نقدم هذه القصص بعد فوز الكاتبة آليس مونرو العام الماضى 2013 بجائزة نوبل بفضل قصصها القصيرة ، مما أعاد القصة القصيرة إلى بؤرة الاهتمام الأدبى مجددا ، خاصة أن الكاتبة انتزعت الجائزة فى خضم منافسة قوية مع روائيين عظام.
سيجد القارئ بين يديه إحدى عشرة قصة قصيرة لكتاب بعضهم معروف مثل “ إيليا إيرنبورج” مؤلف “ ذوبان الجليد”، أو “ إيفان بونين” صاحب “ الدروب الظليلة “ و” حياة أرسينييف” الحائز على نوبل، إلا أننى أود أن ألفت نظر القاريء لأسماء ليست معروفة بالقدر الكافى لدينا وفى مقدمتها “ يورى كازاكوف” الذى أعتز بترجمة إحدى روائعه هنا وهى قصة “ كان بكاؤك فى الحلم مريرا”، وفيها سيرتطم القارى بعنف بكل ما هو مؤلم فى حقيقة ميلاد الإنسان وموته. هى قصة تدفعك بالقدرة على التقاط التفاصيل والدقة المذهلة فى وصفها إلى تذكر قطع الحرير الصغيرة التى يزخرفون فوقها مدينة كاملة بأعمدتها ونسائها وعرباتها، فتنظر إليها مندهشاً: كيف يمكن الاحتفاظ بذلك العالم المنمنم حياً ومكثفاً إلى هذه الدرجة؟ وما الذى قاد بطل هذه القصة تحديداً إلى الانتحار؟ ومن أين يتدفق كل هذا الحزن وكل هذه الشاعرية؟. تضم المجموعة أيضا قصة لكاتب عظيم هو “أندريه بلاتونوف” الذى عانى فى العهد السوفيتى من الحظر والنشر بكميات محدودة والتضييق عليه حتى فى مصادر الرزق اليومية، وعاش حياة فقيرة تقلب خلالها بين مختلف المهن، وكان يخرج ببذلة واحدة لا يبدلها. وبالرغم من كل ذلك تمكن الكاتب العملاق على مدى ربع قرن من خلق عالم كامل تألقت فيه مئات القصص القصيرة النادرة الجمال، وأربع مسرحيات، وتسع قصص طويلة. فيما بعد صرح الروائى العالمى أرنست همنجواى أنه لم يكن ليكتب “العجوز والبحر” لولا أنه قرأ أندريه بلاتونوف! كان بلاتونوف أول من كشف عن “عدم بساطة البسطاء” الذين يجرى اختصارهم أحياناً كثيرة فى صور بشر يسعون من أجل خبزهم، مؤكداً أن كل إنسان وجه لا يتكرر ولغز ينبغى تأمله . هناك أيضا قصة لكاتب آخر عظيم هو ميخائيل بلجاكوف صاحب رواية « المعلم ومرجريتا « التى تعد من عيون الأدب العالمي، وقد ظلت بعض أعماله ممنوعة من النشر حبيسة خزائن حديدية باتحاد الكتاب لأكثر من ربع القرن. علاوة على ذلك تضم هذه المجموعة نماذج من أفضل أعمال رواد كبار لمدارس أدبية مختلفة مثل قنسطنطين باوستوفسكى برومانسيته الرقيقة ونفوره من الجلافة التى تسود الحياة اليومية، وألكسى ريميزوف الذى ينتمى للاتجاهات الحديثة.
فى قصة « هواجس « لفاسيلى شوكشين يقدم لنا الكاتب عاشقا قرويا يقف كل ليلة تحت نافذة معشوقته يعزف ألحان أشواقه على أوكورديون، فلا يدع لأحد فرصة النوم الهاديء، تضج القرية، وتوبخه، وتطالبه بالكف عن العزف ليلا فيصيح « هذا حقي. وليس فى القانون بند يعاقب على العزف». يطالب الجيران معشوقته « نينا « بأن تتزوج منه بسرعه لكى ترحم القرية من تلك الضوضاء. وحين يتزوج العاشقان ، ويختفى صوت الأوكورديون الشجى من الليل، يتبين أن ذلك الصوت كان يوقظ فى قلوب الجيران أحلاما وذكريات وأشواقا كثيرة خمدت كلها مع انطفاء صوت الناي. هو صوت الفن والأدب والشعر الذى يوقظ الأشواق فى الروح وتستحيل الحياة من دونه. ولعل القارئ أن يجد فى هذه المجموعة القصصية شيئا من ذلك الصوت المقدس الذى يطهر النفس ويجعلها أكثر جمالا.
د.أحمــد الخميســى
الطبعة الثانية من كتاب ( الأسطورة ـ البابا شنوده الثالث )
أحمد السرساوى

هذا الكتاب..لماذا؟
نزولا على رغبة القراء وبعد نفاد الطبعة الأولى من كتاب"الأسطورة البابا شنودة الثالث"لمؤلفه الكاتب الصحفى الكبير احمد السرساوى،يسعد كتاب اليوم بتقديم الطبعة الثانية من الكتاب الذى نعيد نشره فى وقت عصيب تمر به مصرنا الحبيبة،لنقف بصلابة فى وجه الأيدى الخفية التى تلعب على وتر الفتنة الطائفية وكلنا منها براء،نسعد بتقديم واحد من رموز الوطنية المصرية البابا شنودة الذى عاش عمره عاشقا لمصر وطنا وشعبا ،مسلمين ومسيحيين،هذه الرسالة التى قدمها لنا البابا الراحل نعيد طرحها فى طبعة جديدة لنرى مجددا معنى حب الوطن والعمل على وحدة نسيجه الوطنى بكل مكوناته التى شاركت فى صنع مجد هذا الوطن الماضى والحاضر ولا تزال تشارك فى صنع مجد المستقبل لشعب واحد بالوان معتقداته المختلفة لكنه سيظل شعبا واحدا يحيا فى آمن وأمان.وآمل فى غد مشرق يحقق احلام كل المصريين فى تصدر مصر الحبيبة المكانة التى تستحقها .
ثناء ابوالحمد
منارة الارواح
مجموعة قصصية
المؤلف : شوقى عقل
هذا الكتاب..لماذا؟

ثناء ابوالحمد
بورسعيد
هذا الكتاب لماذا ؟

بمناسبة العيد القومى لمحافظة بورسعيد والذى يوافق 23 ديسمبر ،وكان تتويجا لملحمة وطنية خالدة بصمود مدينة بورسعيد امام العدوان الثلاثى الذى شنته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصرنا الحبيبة بعد قيام الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس فى ضربة موجعة لقوى الأستعمار فى ذلك الوقت،نسعد بتقديم كتاب»بورسعيد» «لمؤلفه الدكتور سليمان فتوح والذى يستعرض لنا تاريخ بناء هذه المدينة واهم معالمها وتواريخ هامة فى مسيرة نضالها،ونتذكر وصف الراحل جمال عبد الناصر لشعب بورسعيد بقوله»:شعب حر ذاق الحرية ولن يفرط فى حريته» ولهذا الشعب الحر وكل أحرار مصر المحروسة نقدم هذا الإصدار لنقرأ جميعا صفحات مضيئة فى تاريخنا لا تنسى وستظل شعلة أمل لكل الباحثين عن الحريةفى كل ارجاء العالم.
ثنــاء أبـو الحمــد
كان لافتتاح قناة السويس للملاحة الدولية عام 1869م أثره فى تحول التجارة العالمية إلى تلك المنطقة الهامة فى العالم، فقد احتلت منذ البداية مكانها الطبيعي والطليعي كأهم طريق شرياني فى العالم للتجارة الدولية والملاحة البحرية عموماً ولتجارة الشرق والغرب خصوصاً، كما كانت نقطة تحول هامة فى تاريخ مصر والبحر الأحمر مما زاد الاهتمام الدولي بهذه المنطقة. وقد نتج عن حفر القناة خلق مدن جديدة كمدينة بورسعيد وبورفؤاد فى الطرف الشمالي للقناة ومدينة الإسماعيلية على بحيرة التمساح ومدينة بورتوفيق فى الجنوب وتطور مدينة السويس التي كان للقناة أكبر الأثر فى نهضتها. كما أدى النشاط الملاحي فى القناة إلى إيجاد نشاط اقتصادي فى تلك المدن إلى جانب كونها موانئ بحرية تربط بين مدن العالم، فالمدينة قيد الدراسة والواقعة على الطرف الشمالي للقناة وفوق البحر الأبيض المتوسط فى غربي المدينة القديمة شهدت منذ فجر التاريخ حياة متناثرة معتمدة إما على حرفة الصيد أو التجارة، إلا أنها لم تظهر بشكلها ومضمونها الحالي الذي يأخذ صفة المدن إلا مع حفر قناة السويس والتي أخذت تمثل مكانة هامة بين المدن المصرية من جهة والعالمية من جهة أخرى. وهو ما دفع المؤلف للكتابة عن تلك المدينة التي عاش بها أكثر من خمسة عشر عاماً وما زال عاملاً كأستاذ بجامعة قناة السويس والتي أصبحت جامعة بورسعيد الآن. رغم العديد من الكتابات التي كتبت عن تلك المدينة سواء من أبناء بورسعيد أو خارجها والذين أسهموا اسهامات كبيرة فى الإطلالة على تاريخ تلك المدينة وبطولات أبنائها نخص بالذكر منهم الأستاذ ضياء الدين حسن القاضي مؤرخ تاريخ بورسعيد ومقرر لجنة التاريخ والتراث بالمدينة، والأستاذ قاسم مسعد عليوة، والدكتور زين العابدين شمس الدين نجم، والمؤلفة وفاء عبد المتجلي وغيرهم ممن كتبوا عن تلك المدينة والذين استفاد المؤلف من كتاباتهم واستعان بها للكتابة عنها حرصاً منه على الكتابة عن نشأة المدن المصرية كسيناء، ومدن القناة بصفة خاصة إلى جانب مؤلفاته المتعددة عن تاريخ مصر الحديث والمعاصر وتاريخ أفريقيا. وقد حرص المؤلف أن يتناول فى تلك الدراسة مدينة بورسعيد أملاً فى أن يتناول مدينة بورفؤاد بشكل مفصل لاحقاً رغم أن بورفؤاد تعتبر أحد أحياء بورسعيد ولكنه يرى نظراً لأهميتها واستراتيجيتها ودورها التنموى فى شرق القناة أن يكتب لها بشكل مفصل إن شاء الله. والكتاب مكون من مقدمة وثمانية مباحث وخاتمة إلى جانب قائمة بالمصادر والمراجع والملاحق بيناها فى محتويات الكتاب، تناول فيها المؤلف موقع المدينة ومناخها ونشأتها وتسميتها إلى جانب التنظيم والبناء والشوارع وتطور النقل والمواصلات فيها والخدمات من مياه وإنارة وحدائق، كما تناول المؤلف فى مبحث مستقل الأحوال الصحية بالمدينة وكذلك النشاط الاجتماعي والثقافى للسكان فى بورسعيد مبرزاً أهمية التركيب الاجتماعي للسكان فى المدينة وأثره على حياة السكان فى إقامة شعائرهم الدينية من تأسيس للمساجد والكنائس باعتبارها دوراً للعبادة ، كما تناول العادات والتقاليد السائدة فى المجتمع البورسعيدي. وفى المبحث الأخير تناول المؤلف دور مدينة بورسعيد فى القضية الوطنية المصرية بدءاً من الاحتلال البريطاني عام 1882م وحتى حرب أكتوبر المجيدة عام 1973م مبرزاً الشخصيات البطولية التي قاومت الاستعمار على مدار تلك الفترة ومبيناً دور الشعب البورسعيدي فى تأصيل الحركة الوطنية ومقاومة الاستعمار. وفى الخاتمة أبرزت النتائج التي توصلتُ إليها من خلال هذه الدراسة، كما أشرتُ إلى بعض التوصيات التي آمل أن تأخذ فى الحسبان والتي تتضح من دراسة تلك المنطقة. وقد ألحقت بالكتاب بعض الصور للأماكن الهامة فى المدينة حسب تأصيلها التاريخي إلى جانب الخرائط اللازمة التي تخدم المادة العلمية مع قائمة بالمصادر والمراجع التي استندت اليها. ولا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر والتقدير للذين عاونوني فى إخراج هذا الكتاب بهذه الصورة وهم كثيرون ولكن أخص بالذكر زوجتي العزيزة التي تحرص على تهيئة المناخ لى للتفرغ للكتابة والعمل المستمر فى تحقيق الغاية المرجوة لمصرنا الغالية وأمتنا العربية فلها مني كل التحية والتقدير. وكذلك أبنائي وأحفادي الذين أنظر إليهم كما أنظر إلى بناة الأهرام وأبو الهول فهم أمل مصر ونهضتها. وكذلك كل من عاونني فى إخراج هذا العمل وهم: الأستاذ الدكتور/ محمد محمد شركس والدكتور/ مرسي قطب، والأستاذ/ محمد أبو حمام، والأستاذ/ محمود ينسون، والأستاذة/ خلود الشريف. والله ولي التوفيق...
د/ ســليمان فتــــوح
روح الفراشة

فى البدء كان طلعت رضوان قاصًا، ووُلدتْ عطاءاته الأولى فى القصة القصيرة وفى مشروعات رواياته غير المُكتملة أوائل الثمانينيات، مُبشرة بأديب ذى نكهة مُتميزة، لكن الشأن العام والبحث فى القضايا الفكرية والسياسية والحضارية زاحمتْ هذا الأديب بشدة، فانساق مع الباحث بدافع من ضمير(ماعت) رمز الحق والحقيقة، ومن إحساس قوى بالمسئولية لكشف الظلم والظلمات عن حضارتنا القديمة التى طمستها عصور الغزو والتصحر الحضارى والتسلط الاستبدادى والتمدد الدينى (الثيوقراطى) الذى طمس ملامح هوية الوطن (مصر) فاستمر يكتب فى هذا السياق داعيًا للعودة إلى هذه الجذور، ومواجهًا لرياح المد الصحراوى المُحمّل بقيم البداوة، وكاشفـًا عما رآه دكتاتورية نظام يوليو1952 الذى قضى على الديموقراطية، حتى صار كل ذلك قضيته الأولى، وكاد الأديب ينزوى مهمشًا فى قوقعة موهبته، حتى ولو أصدر أكثر من مجموعة قصصية جيدة عبر أكثر من ربع قرن مضى.
لكن ها هو يستقطر من سنوات العمر الفائتة لحظات طازجة مُتوهجة بصدق الفن وبريق الإبداع، ويصيغها فى هذه المجموعة القصصية الجديدة، فيعود بها شابًا بنبض الحيوية الشعورية التى تـُعاند زحف الزمن، لكنها ترشح بمسحة من التأمل الوجودى الهادىء حول مفارقة الحياة، إذْ يُدرك الإنسان – متأخرًا – أنه لم يعش (الحياة الحقيقية) فيُحاول أنْ يتشبث بآخر خيوطها كما يتشبث الطير بخيوط النهار قبل غروب الشمس، ويُصبح هذا التشبث بالذاكرة الباهتة هو آخر أمل وآخر فرصة للحاق بقطار الحياة الحقيقية قبل أنْ يُغادر محطته الأخيرة، ولمواجهة الوحدة الإنسانية الزاحفة التى تبدو وكأنها حصاد العمر وقدر لا فكاك منه.
فى هذه المجموعة نرى غير مرة انطباق الدائرة العبثية لأقدار البشر، إذْ يكتشفون (ودائمًا فى خريف العمر) أنّ الكون اللانهائى الذى تاهوا فى شعابه طوال عمرهم صغير للغاية.. هكذا تلتقى – بالصدفة- النفوس التائهة التى سُرق عمرها، وتستيقظ المشاعر المُرهفة مُحمّلة بالعاطفة والحب والحنان والتراحم، وتتشبث بفرصة اللحظات الأخيرة لاستعادة معنى الحياة، لكنها تلتقى على أرصفة لا تـُوصّل لمحطات، وفى عربات مترو أو أتوبيس لا تنتهى لغايات، إنما تنتهى لمزيد من مشاعر الوحدة واكتشاف عبث الوجود،
مع تصاعد الشهقات الأخيرة – فى ذات الوقت- لحب الحياة.
وقد تأتى الفرص الأخيرة (للحياة من جديد) مُتأخرة كثيرًا وإنْ لم يفتر الشوق إليها، لكن كثيرًا ما يجبن الأبطال عن اقتناصها، وكأنما استلّ منهم عبوس الأيام شجاعة المُبادرة والفعل، فباتوا أسرى التردد والخوف من الحياة، وانتهوا إلى الهروب من تلبية الدعوة الأخيرة منها وإليها، بالرغم من فيض مشاعرهم الدافئة نحوها.
وسط غبار الزمن وسطوة النسيان تبقى متوهجة لحظات الحب ووشائج عاطفة قوية بين عاشقيْن تتحدى الزمن والملل والاعتياد والاغتراب، فنراهما فى شيخوختهما أكثر إخلاصًا ووفاءً وخوفـًا على بعضهما البعض، وكأنما تلبستهما روح واحدة انقسمتْ فى جسديْن، فبات غياب أحدهما غيابًا لروح الآخر، وقد يسعى أحدهما لبعث الروح فى الحبيب كما فعلتْ إيزيس فى أوزيريس.. هذا ما ينفى أية شبهة لفكر العدمية واللا معنى فى منظور هذه المجموعة، وما يُعيد للحب قيمته وجوهره الأسمى فى الوجود.
قد تتغوّل قسوة الواقع على قدرة الإنسان على التعايش مع القبح، حتى أنه قد يُفضل التعايش مع العمى ليحمى نفسه من رؤية العالم القبيح، وقد تبدو هذه رؤية تشاؤمية، وهذا ما نجده فى قصتيْن من قصص المجموعة، غير أنّ الأديب هنا يرى أنّ العمى بديل لدى بطليهما عن اليأس والهزيمة، وأنه يُنير البصيرة ويُزيح العتمة المعنوية فى واقع كابوسى، ويخلق رؤية افتراضية للحق والجمال، تتحقق بالخيال حين تعجز الرؤية الفيزيقية عن تحقيقها.
هذه قصص ممتعة بما يغمرها من دفء المشاعر وعمق التأمل وخبرة الفن، استدعتْ إلى ذاكرتى ووجدانى ذكريات خصبة من صداقة ممتدة بينى وبين طلعت رضوان، كان الإبداع أجمل ما فيها، وكم يُسعدنى أنْ يعود اليوم إلى منابعه الأولى الثرية بهذا الإبداع.
عز الدين نجيب
الأزهر منارة الإسلام

هذا الكتاب .. لماذا؟
يعد الأزهر الشريف هو أقدم مؤسسة إسلامية فى العالم وقلعة للإسلام عبر قرون طويلة، نجح فى نشر الإسلام فى كل انحاء العالم، ومكانته فى العالم الإسلامى لا تعادلها مكانة لذا جاء اهتمامنا بتقديم كتاب «الأزهر منارة الإسلام» للكاتبة الصحفية ألفت الخشاب،لنلقى مزيد من الضوء على هذه المؤسسة العريقة التى نطمح فى ان تقوم بدورها كمرجعية للإسلام على افضل وجه، تزامناً مع ظهور جماعات إسلامية تجنح الى الأراء المتشددة فى الدين، آملين ان يعود الأزهر لدوره المستقل وان يكون فى خدمة الإسلام والمسلمين فى شتى بقاع الأرض، بعيدا عن توظيف الإسلام لتحقيق اهداف سياسية كما حدث منذ عصر محمد على ،نريد مؤسسة مستقلة تكون مرجعية عليا للدعوة الإسلامية والإفتاء، فالإسلام لا يعرف مفهوم رجل الدين كما فى الأديان السماوية الآخرى ويقدم الكتاب سير بعض من تولى قيادة الأزهر من مشايخ أجلاء منهم من أجتهد فأصاب ومنهم من اجتهد فأخطأ،وكل له اجر الصواب والخطأ،فالعصمة للأنبياء فقط، هدفنا هو المؤسسة العريقة بصرف النظر عمن يتولى مشيختها، فالكل زائل ولا يبقى سوى هذه المؤسسة العريقة ودورها العظيم فى نشر الإسلام فى العالم أجمع.
ثنــاء أبـو الحمــد
كان ولازال للأزهر الشريف على مر العصور ومنذ أن أنشأه جوهر الصقلى عام 361 هجرية الموافق 972 ميلادية دورا مؤثرا وفاعلا فى خدمة الأمة والحفاظ عليها ضد أى اعتداء استعمارى بشحذ الهمم والوقوف فى وجهه ومقاومته، أو فكرى بكشف أى محاولات غربية للإساءة إلى الإسلام أو محاولات المستشرقين لتزييف حقائق التاريخ الإسلامى. ومثل كل شيء فى بلدنا الحبيب مصر حدث تراجع فى دور الأزهر الشريف قبل ثورة 25 يناير بعد أن تم تحجيم دوره ونزعت عنه أوقافه، فأصبح يعيش على ما تمنحه له الدولة من ميزانية ضعيفة لا تغنى ولا تسمن من جوع وعاش فترة طويلة على تبرعات القادرين من المؤمنين بدوره فى حماية الإسلام والدفاع عنه فى مختلف المحافظات لبناء معاهد أزهرية يحتاجها أبناء الأمة ويتوقون إلى الدراسة بها. وجاءت انفراجة عندما طالبت الكنيسة المصرية باسترداد الأملاك التى وقفت عليها واستجابت الدولة لطلبها، فأسرع الأزهر ممثلا فى فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوى عليه رحمة الله يطالب بعودة أوقاف الأزهر إليه لتكون تحت إشرافه وليس تحت إشراف وزارة الأوقاف، وشكلت لجنة من الأوقاف والأزهر قامت بحصر أملاكه وحل كل ما يتعلق بها من مشاكل لإعادتها إليه. أن الأزهر الشريف الذى انشىء بهدف نشر المذهب الشيعى تحول إلى حصن حصين لحماية السنة الشريفة ضد أى محاولات للتشيع فى مصر، ونجح فى تحقيق معادلة غاية فى الصعوبة بالإبقاء على ولاء أبناء الأمة لأهل البيت وحبهم الشديد لهم، والحفاظ فى نفس الوقت على المذهب السنى دون أى انحراف عنه، فأثبت بذلك أنه الرمانة التى تعدل ميزان الأمة وبدونها يختل الميزان. فطوبى للأزهر الشريف وطوبى لمشايخه الأجلاء، وطوبى لدار أخبار اليوم ولكتاب اليوم الذى فكر فى إخراج كتاب يوثق لتاريخ الأزهر ودوره الوطنى المشرف فى مختلف المواقف كما يوثق للأدوار النادرة والجليلة التى لعبها مشايخه على مر الزمان، فعسى أن يوفقنى الله لتحقيق هذا الهدف النبيل ليبقى هذا الكتاب شاهدا على حقيقة الأزهر للأجيال القادمة فى زمن تضيع فيه الحقائق وتندثر. والكتاب يضم بين جنباته ما يبين أن الأزهر الشريف على الرغم من أن الهدف الذى انشىء من أجله فى عهد المعز لدين الله الفاطمى أول خليفة فاطمى كان نشر المذهب الشيعى إلا أنه تحول بمرور الوقت إلى المدافع الأول عن السنة والمحافظ عليها. كما يضم الكتاب تاريخ إنشاء الأزهر الشريف، الأزهر ما بين الثورات قديما وحديثاً، أئمة الأزهر ومواقف لها تاريخ، الجامع الأزهر، دور الأزهر فى العالم الإسلامى ونبذة عن مؤسساته ومكتبة الأزهر وعمارته بالإضافة إلى ملحق مصور لمبنى الجامع ومشيخة الأزهر والمؤسسات التابعة له ومكتبته الشهيرة فى حديقة الخالدين وصور لبعض مشايخه الأجلاء.
ألفــت الخشــــاب
بنات أحلامي

عزة رشاد
مياه النيل الأزمة والحل

وفى الواقع فإن ملف (( مياه النيل )) من الملفات التى تجذب أى ممسك بالقلم للكتابة فيه لأهمية هذا الملف بالنسبة لمصر فالنيل وبلا جدال هو (( شريان حياة مصر)) ... ومصر بدون النيل تتحول إلى صحراء جرداء... وكذلك فإن النيل هو مصر التى ضبطت إيقاعه منذ فجر التاريخ وحتى إنشاء القناطر والسدود على مجراه.
والكتب التى تناولت (( النيل )) فى المكتبة العالمية تصل إلى نحو 20ألف كتاب ، هى كلها وبلا شك إسهامات عظيمة تكشف عن الجوانب المختلفة لحياة نهر النيل .
ولذلك عندما بدأت فى التحضير لكتاب عن (( النيل)) فكرت كثيراً فى كيفية تناول هذا الكتاب لهذا الملف المهم والخطير فى آن واحد!! ... هل أكتب ما شاهدته كصحفى تخصص فى ملف مياه النيل وتابع أخباره لمدة تزيد على 13عاماً بصورة تقريرية ، تسرد أكثر مما ثوثق أو تحلل أو توضح أو تعلل!!
... وبعد طول تفكير قررت أن يكون الكتاب – الذى بين يديك- شاملاً صحيح أن عنوان الكتاب (( مياه النيل .. الأزمة والحل )) لكننى راعيت ألا أقع فى خطأ من عالجوا ملف مياه النيل من منظور واحد ، فضلاً عن أن تتبع أزمة مياه النيل – محور هذا الكتاب – من الأفضل أن تتم فى إطار أوسع ومن خلال الفهم الشامل لطبيعة حوض النيل .
وقد قسمت الكتاب إلى سبعة فصول ، الفصل الأول يعالج نشأة وتطور نهر النيل من الناحية الجيولوجية وكذلك يبحث فى مسألة إكتشاف منابع النيل ، أما الفصل الثانى فيتناول الوضع المائى فى دول حوض النيل ، أما الفصل الثالث فيتناول الأصل التاريخى لأزمة مياه النيل ، أما الفصل الرابع فيرصد ويكشف ويحلل مادار فى إجتماعى وزراء مياه دول حوض النيل فى العاصمة الكونغولية كينشاسا والإسكندرية فى عام 2009 ، محاولات مصر لرأب صدع الخلافات بين دول بين دول الحوض ، أما الفصل الخامس فيتناول بالتفصيل مادار فى إجتماع وزراء مياه دول حوض النيل بمدينة شرم الشيخ فى ربيع عام 2010 ، إعلان وزراء المياه بدول منابع النيل فى فجر أخر أيام الإجتماع عن توقيع دول المنابع على الإتفاقية الإطارية لمياه النيل بشكل منفرد ودون موافقة مصر والسودان ، هو ماتم بالفعل فى مدينة عنتيبى الأوغندية فى مايو من عام 2010 ، فى هذا الفصل أعرض النتائج الكارثية لتوقيع ((6)) من دول المنابع على الإتفاقية الإطارية على حصتى مصر والسودان من مياه النيل .
أما الفصل السادس فيعالج قضية التواجد الأجنبى فى دول منابع النيل وخطورته على حصتى مصر والسودان من مياه النيل ، خاصة التواجد الإسرائيلى ، أما الفصل السابع فيتناول تأثير المشروعات المائية التى تخطط دول منابع النيل لإقامتها على مجرى النيل بها على حصتى مصر والسودان من مياه النيل وخاصة سد النهضة الإثيوبى .
... وبعد طول تفكير قررت أن يكون الكتاب – الذى بين يديك- شاملاً صحيح أن عنوان الكتاب (( مياه النيل .. الأزمة والحل )) لكننى راعيت ألا أقع فى خطأ من عالجوا ملف مياه النيل من منظور واحد ، فضلاً عن أن تتبع أزمة مياه النيل – محور هذا الكتاب – من الأفضل أن تتم فى إطار أوسع ومن خلال الفهم الشامل لطبيعة حوض النيل .
وقد قسمت الكتاب إلى سبعة فصول ، الفصل الأول يعالج نشأة وتطور نهر النيل من الناحية الجيولوجية وكذلك يبحث فى مسألة إكتشاف منابع النيل ، أما الفصل الثانى فيتناول الوضع المائى فى دول حوض النيل ، أما الفصل الثالث فيتناول الأصل التاريخى لأزمة مياه النيل ، أما الفصل الرابع فيرصد ويكشف ويحلل مادار فى إجتماعى وزراء مياه دول حوض النيل فى العاصمة الكونغولية كينشاسا والإسكندرية فى عام 2009 ، محاولات مصر لرأب صدع الخلافات بين دول بين دول الحوض ، أما الفصل الخامس فيتناول بالتفصيل مادار فى إجتماع وزراء مياه دول حوض النيل بمدينة شرم الشيخ فى ربيع عام 2010 ، إعلان وزراء المياه بدول منابع النيل فى فجر أخر أيام الإجتماع عن توقيع دول المنابع على الإتفاقية الإطارية لمياه النيل بشكل منفرد ودون موافقة مصر والسودان ، هو ماتم بالفعل فى مدينة عنتيبى الأوغندية فى مايو من عام 2010 ، فى هذا الفصل أعرض النتائج الكارثية لتوقيع ((6)) من دول المنابع على الإتفاقية الإطارية على حصتى مصر والسودان من مياه النيل .
أما الفصل السادس فيعالج قضية التواجد الأجنبى فى دول منابع النيل وخطورته على حصتى مصر والسودان من مياه النيل ، خاصة التواجد الإسرائيلى ، أما الفصل السابع فيتناول تأثير المشروعات المائية التى تخطط دول منابع النيل لإقامتها على مجرى النيل بها على حصتى مصر والسودان من مياه النيل وخاصة سد النهضة الإثيوبى .
... وفى نهاية هذه المقدمة أتركك أيها القارىء العزيز مع صفحات الكتاب وأملى أن يمثل هذه الكتاب الذى بين يديك إضافة حقيقية للمكتبة المصرية و العربية .
ولاء الشيخ
عالم بلا رجال

عزت السعدنى
القلب لا يكذب أبدا

تقديم
هذه مجموعة صورمن الحياة شخصياتها مختلفة ومتباعدة ومتنافرة احياناولكنها جميعها شربت من كأس الحياة فيها من عرف الحب وعاش من اجله وفيها من امتلأ قلبه بالغرور والطمع والحقد ،فيها من عاش فى مأساة حزينة،وفيها من عاش حياته بالطول والعرض واقترف كل الخطايا، فيها لمحات من الدين والإيمان،فيها لمحات من النفاق والكذب،فيها صراع بين الإنسان والطبيعة،فيها صور من الخيانة والخطيئة،فيها صور من التوبة والرجوع الى السماء، فيها صور لنفوس انحرفت وجرفها تيار الرذيلة حتى سقطت فى الهاوية ،وتبحث عن يد تمتد اليها وتنتشلها،انها مجموعة صور لبشر يعيشون بيننا،وقد نكون لا نعرفهم،ولكننا نراهم ونحس بهم.
سمير عبد القادر
الحب ليس رواية شرقية بختامها يتزوج الأبطال لكنه الإبحار دون سفينه وشعورنا ان الوصول محال
نزار قبانى
هذا الكتاب ..لماذا؟
لايخفى على أحد توارى المشاعر الإنسانية فى سلوك الكثير منا وطغيان المادة بإعتبارها بوصلة الكثير فى تصرفاتهم وفى حكمهم على الشخصيات والأشياء،ورغبة منا فى عودة اجمل مافى الإنسان وهو مشاعره وإحساسه بالأخرين والتعاطف معهم وتقديم المساندة المعنوية لهم،إزاحة ماعلق بالمشاعر الإنسانية ضرورة قصوى فى أيامنا هذه، دفء المشاعر والود والإخلاص والحب معانى نبحث عنها كثيرا لا نجدها ،لذا جاء كتاب"القلب لا يكذب ابدا"للكاتب الكبير سمير عبد القادر ليلهمنا معانى جميلة لمسها هو فى تجاربه الحياتية ومن خلال شخصيات التقى بها بثت له شجونها والتقطها هو ليصيغها لنا فى قصص تحمل نبض قلوب غضهوبشاعرية لا مثيل لها مؤكدا انه لاحياة بلا مشاعر وان يكون القلب هو بوصلة الإنسان لا بوصلة له غيرها وهذا ليس ببعيد عن شخصية الكاتب والذى يعد بحق إنسان بكل ماتحمله الكلمة وهو متمسكا بمعانى جميلة توارت بيننا لذا يسعدنا الإمساك بها من خلال كتاباته وشخصه الأجمل. نسعد بتقديم . كتاب "القلب لا يكذب ابدا"لعل القراء يلتفتوا لما اهملوه سنين وهونبض القلوب.
ثناء ابوالحمد اول سبتمبر 2013
بيت مسكون
مختارات من أمريكا اللاتينية
الترجمـةُ وكيف تصــوغُ مُبدِعيهــا !
محمد إبراهيم مبروك
نبعان شــــقَّا مجرَييْهما في عطشي، ليروياه ويحيياني، مرتين
:
كان ديستويفسكي هو النبعُ الأولُ، من خلال ترجمة كاملة لرائعته (الجريمة والعقاب)، طبعة دار اليقظة السورية؛ وكنتُ في الثامنة عشرة من عمري، وقادتني قراءتُها لقراءة أعماله كلها، وأعمال لتشيخوف، وتورجنيف، وجوجول، وجوركي، وأندريف، وشدرين، ثم الكاتب الأمريكي العظيم وليم فوكنر، وهيمنجواي، وسكوت فيتزجرالد، وسارتر، وكامي، وفيركور، ومالرو، وسانت أكسوبري، وكافكا، وتوماس مان، وجيمس جويس، وصمويل بيكيت، ويوجين أونيسكو، وآخرين؛ ليصبَّ في روحي ذهبُ عالم كل كاتب من هؤلاء !
أمَّا النبعُ الثاني، فكان (جابرييل جارثيا ماركيث)، من خلال ترجمة لروايته القصيرة الرائعة "ليس لدي الكولونيل من يكاتبه" – ترجمة صالح علماني، دار الفارابي)، والذي قادني لقراءة (مائة عام من العزلة)، ثم (خريف البطريرك)، وأعماله كلها بعد ذلك، منطلقاً منه للبحث عن بقية القصاصين والروائيين الكبار لأمريكا اللاتينية؛ وقد خلق ذلك بداخلي ميلاً لم أقاومه لتعلُّـم الإسبانية، باحثاً بها عن عـروق ذهـب قارة، أطاح ذهبُهـا، منذ خمسمائة عام، بصواب مكتشفيها؛ فإذا بأدبها يُشـعِلُ جنوني. وبعد تعلمها، لم أستطع مقاومة ســحر وغواية الترجمة، فكانت قطرات الندى الأولى من ثمـار هذا الحب هـي أولُ كتــابٍ لي، مترجم من الإسبانية، باسم : "وسْـــمُ الســيف" – وصدر عن المجلس الأعلى للثقافة / المشروع القومي للترجمة – العدد 90،عام 1999 – وقدمه الدكتور محمد أبو العطــا، وتضمن أعمالاً قصيرة لكل من : خورخي لويس بورخيس – ليوبولدولوجونيس – إيسابل أيِّنـدي – خوان رولفو – إيبارجنجوتيا – خيراردو ماريا – إرناندو تييت – أوجوستو مونتيرُّوسو – لينو نوباس كالبو – أرتورو أوسلاربييتري.
عشرون عاما بين اكتشافي لكل من النبعين، إكتشفتُ خلالها أن حياتي كمبدع، ثم كمترجم، أُعيـدَ خلقُهـا مرتين من موتٍ مُحقَّـق.
في الأولى، أنقذني ديستويفسكي من السباحة في المياه الضحلة، التي كانت تحاصرنا، أيامها، بأدب الفاترينة الرسمي، المقرر علينا : يوسف السباعي – عبد الحليم عبد الله – أمين يوسف غراب – عبد الحميد جودة السحار – إبراهيم الورداني – ثروت أباظة؛ وآخرون باهتو الملامح، وكتابات أكثر ضحالة في صحفٍ تصدعنا كل يوم بأغنية واحدة عن الاشتراكية التي تبنى في الأعالي، والتي تسوقُ مناضليها من الموظفين للنزول بها إلى الجماهير. معالجات صحفية لمفارقات اجتماعية، وادب متواطئ، يشجع على التثاؤب، ما أن تبدأ في قراءته، وتحاول تتبع مسيرة شخصياته، أو سبر اغواره، حتى تخرج من الناحية الأخرى، وكأنك كنت تجوسُ في خرائب، وربما كان الاستثناء ايامها، دون مغالاة، يوسف إدريس، ويحيى حقي، ونجيب محفوظ، ثم فيما بعد، إنجازات ملحوظة ومبشرة بروح مغايرة وناقدة، لجيل الستينيات، جيلنا.
ولقد لعبت الأعمالُ المترجمة من أدب العالم، والتي ذكرتُ أسماءَ بعض كتّابِها دوراً هائلاً في تشكيل وعيي وذوقي الأدبي، وشحذ موهبتي لإبداع أعمالي القصصية القليلة، والتي جاءت مفارقةً للنماذج القصصية السائدة في الستينيات، ليس فقط لمن سبقوني، بل ومفارقة لأبناء جيلي أنفسهم !
والآن، هل هناك صلة بين تكويني الأدبي كمبدع، وتطلعي للأدب الإسباني، والأمريكي اللاتيني؟.
الصلة تنبُعُ من ما يدفعُنـا للتطلع إلى إبداعات شعوب أخرى، منجذبين بحاجات ورغبات عميقة في التواصل، لا تهدأ، موشكة على الخروج من جلدها لتتواصل معه. وهل حدثَ أن خرجت شعوبٌ، طلباً للتواصل، من جلدها الحي، أم أنها لا تخرجُ إلاَّ من جلدها الميت ؟. وحتى الثعابين، لا تفعل سوى ذلك وإذ تضيقُ بجلدها عندما يموتُ، فتخلعه عنها هي الحيَّـة، التي تتعرى وتقفُ منتصبة تحت سماء العالم، ناسجةً من آشعة الشمس وضوء القمر؛ من برودة الليل ودفء النهار؛ من النسائم والرياح؛ من النور والظلمة؛ من التراب والحصى؛ ومن ماء النهر وطميه، جلدَها الحـيَّ، ناجيةً به من حصار الموت إلى فرحة الحياة.
وقبل عثوري على ماركيث، بوابتي السحرية لآداب القارة اللاتينية كلهـا، كنتُ مختنقـاً ومحاصَـرَاً بما يكادُ يخنقنا في مصر، وبالتحديد في السنين الأخيرة المظلمة لحكم السادات ...
كان (الكبــارُ) قد انطفــأت رُوحُ المبدعين فيهم، فظلوا معلَّقيــن فوقنا بكتاباتهم وصورهم، كخيــال المآتة، بوجوههم، وأوسمتهم، وجوائزهم، ودكتوراتهم الفخرية، وأعياد علمهم، وإيمانهم، وتسولهم كخــدمٍ لأمكنةٍ، ومكانةٍ تليقُ بهم كدمىً آدمية تتحركُ على مســرح عرائس سلطة تتداعى، تكيدُ بهم (العوازل)، الذين كانوا غالبية الشعب، بكتّابه الممنوعين، وقادة معارضته المعتقلين.
كان المشهدُ كلُّه، ببؤسه الذي اكتملَ، يصرخُ بأن زمناً حاكماً آن له، ولا بد، أن ينتهي؛ وأن زمناً آخر يصارعُ كلَّ ما يخنقه، ولابد له أن يولد. وأيامها، كتبتُ مقالاً بعنوان : ( زمنُ الكتبة يأفلُ .. أزمنة الكتَّــاب تجيــئ !)، وصُـدِّرَ المقالُ بعبارة لسان "جون بيرس"، تفضحُ المتواطئينَ مع الاحتـلال النازي لفرنســا، تقولُ : " وكان الشــرفُ يتهـرَّبُ من جبيــن أوســـعِ الوجــوه شــهرةً !".
واغتيــلَ الساداتُ، وأعقبت موتَـه موجـةُ اعتقالات، وتوقف إصدارُ كل المطبوعات المستقلة غير الدورية. وبعد عدة أشهر، كان علينا أن نخاطرَ بكســر حلقة توقف كل الدوريات، بطبع (النديم)، والنزول بها في يناير 1974 بمعرض الكتاب بالقاهرة؛ ونزلت النديم، التي كنا نصدرها بقروشنا وعلى مسئوليتنا بالإسكندرية، وعلى غلافها عنوان المقال : زمن الكتبة يأفل، أزمنة الكتّاب تجيئ !.
وبعد قراءاتي لأعمال ماركيث، فوجئتُ بعالم روائي أقرب إلينا من حبل الوريد. عالم يواجه البشرُ فيه مصائرهم بمنطق آخر، ويسعفهم خيالُهم دائماً برؤىً وطاقات لمواجهة تراجيديا الحياة، بالتحدي، وابتداع الحلول ليس فقط للمشاكل، بل وحتى للكوارث !.
وفكَّـرتُ بالكتابة عن ماركيث، ربما لنفرحَ باكتشافنا لهذا الإبداع الذي يردُّ للأدب اعتبارَه في هذا العالم، وأملاً في أن يكون رافداً خصباً، ومنبعا لا ينضب للتأثير في كتابة أدبائنا، وكتابة الشباب على وجه التحديد. ولم أكن أقصد بالطبع أن يقلدّه البعضُ، بل أن نتعلم منه ومن الآخرين، أنداده من أدباء القارة، كيفَ عبروا عن أنفسهم وعن عالمهم، حتى يعيننا ذلك على تطوير أدواتنا الفنية وتوسيع دوائر الرؤى.
ثم فكرتُ – أميناً مع نفسي – كيف سأكتبُ عن كاتب لا أعرفُ لغته، ولم أُحـطْ بتراثه الأدبي الذي نهل من منابعه، فاكتسب سماته وروحه؛ ومن هم أسلافه الكبار الذين أحبهم فأحب الإبداع من خلالهم ؟.
وتوقفتُ عن مشروع الكتابة عن كاتبي، وشرعتُ في تعلم الإسبانية.
وهكذا دفعتني قراءة رواية قصيرة لماركيث لحب أدبه، وحب أدب قارة بأكملها، كانت مجهولة لنا، إلاَّ من قليل جداً من الكتابات عنها، وبعض النصوص منها : قارة أمريكا اللاتينية!
وما أن تعاملتُ مع اللغة الإسبانية حتى اندفعتُ للتعرف على نصوص لمن أحببتهم من كتابها. وكما قلتُ، لم أستطع مقاومة غواية وسحر الترجمة، فغامرتُ واثقاً لإدراك عميق ترسخ من زمن لديّ : أن الإبداع لا يجب أن يترجمه إلا مبدع. لماذا ؟. لأننا كنا، وفي كثير من الأحوال، نقدم على قراءة أعمال كثيرة من أدب العالم، وهي أعمالٌ رائعة، ليس بفضل ترجمتها، بل بالرغم من ترجمتها !. فكنا كمن يجتاز حواجزاً، وحفـراً، وأرضاً موحلة، للوصول للعمل الأدبي؛ وفي أفضل الأحوال، كان يصادفنا الحظُّ فنعثـر على مترجم حقيقي نادر ينجزُ ترجمتَـه بروح المبدع.
فما الذي يحدث إذاً عندما يكتشفُ المترجمُ المبدع منا عمـلاً أدبياً رائعـاً، يقفُ سامقاً كمبنىً شاهقٍ ضمـن عشرات الأبنية الشاهقة الجميلة في الضفاف الأخرى من عالمنا ؟
سيبدأ، أول ما يتوقف عنده، مأخوذاً به، في تأمله والدوران حوله، يتحسس جدرانه، وخشب أبوابه ونوافذه، والمقابض النحاسية التي يبرقُ لمعانُها الأصفرُ. ترتاحُ راحة يدنا حول كرة مقبض الباب، تديره وتدفغُ الباب برفق داخلةً، فتتلقى مع دفعات الهواء رائحة نفس البيت وحسه، والأضواء التي تنهمرُ من ارتفاعات الأسقف والنوافذ والشرفات، والذي يشح في حنياته وممراته، والتحولات التي تطرأ على نور النهار، من اصفرار شمس العصر، إلى احمرار شمس الغروب، إلى كبسة العتمة بدخول الليل، فالاشتعالُ المفاجئ لكل المصابيح، دفعة واحدة، فتنيره كله.
وكالممسوسين، سنحلم في صحونا به : آه لو كنا نحيا في هذا البيت !. آخ لو أمكننا نقله عندنا !. وسيأتي الردُّ من داخلنا : لكن هذا مستحيل !.
ومن تاريخنا ستجيئ الإجابةُ : ولكن هذا المستحيل تحقق في يوم ما !.
ففي منتصف القرن الماضي، كان سدنا العالي سيعلو، ومن خلفه ستعلو مياه بحيرة ناصر، وســتَغرَقُ النوبةُ ومعبدا أبي سمبل، وفِيَـــلَة. وكان مستحيلاً إنقاذُ النوبة، فأُنقِـذَ النوبيـون، وغرقت هي. أما المعبدان، فتقرر إنقاذُهمــا !.
ولم يكن ممكناً نقلُهما سليمين، فتم تقطيعُهما بالمناشير إلى آلاف القطع، ليسهل نقلها من مكانها، فوق مياه النهر إلى المرتفعات التي لا تدركُها مياه البحيرة. وجرى ذلك بمشقة، لكن بخطواتٍ سليمة مُحكمة، لأن وحدات البناء وقطعه كانت هي الأحجـار.
وفي العمل الأدبي، يتطلب منك الأمرُ أن تقومَ بعمل مماثل. والفرق المعجزُ، أنه لا يمكن حســاب أو تخيُّـل مدى الاختلاف بين مبنى العمل الإبداعي، والمبنى الحجري : إنه كامن في الكلمات !. الكلمات : هي هذا السرُّ المعجزُ الذي منحنا بشريتنا، وإعجازها يكمن في طبيعتها الرهيفة بمن تصدر عنهم. فالكلمات بشكلها وجرس أصواتها، ودلالاتها وثيقة الصلة بهم، في أصوات أزمنتهم، وأماكنهم، تنفس نومهم، ولهاث يقظتهم، ألوان بشرتهم وثيابهم، وأغانيهم، إمتلاؤها بشبعهم، ونحولها بجوعهم، تصاعد رنة الفرح، أو انقطاع الصوت والخرس أمام كل كارثة.
إنها لغتهم هم، هنا, في مكانهم الذي جئتُ إليهم فيه. هنا هي قلبُ وجودهم.
أما نحن، فمن هناك، حيث نحيا نحن، وتحيا لغتنا نحن.
وإذا كان علينا أن ننقل أبنيتهم، بيوتهم، ومعابدهم، وجودهم وفناءهم، من خلال لغتهم إلى لغتنا، فما هذا الذي سنأخذه من لغتهم لنبنيه بلغتنا ؟
يا ألله !
أليس تقطيعُ الحجارة، رفعها ونقلها، إعادتها إلى مكانها كلبناتٍ في البنـاء، أسهل من تفكيك العمل الأدبي، لنقله وإعادة بنائه في أرضٍ غريبة، بما لا يمكن تصوره ؟!
ومع ذلك، فقد حدث أن تحققت المعجزةُ لمرَّاتٍ ليست بالقليلة على يد مترجمين عظماء، أبدعوا لنا ترجماتٍ عظيمةً لأعمالٍ عظيمةٍ، استحضروا روحَهـا لتحلَّ في لغتنا بعظمةٍ تكادُ تتساوى وعظمتها في لغتها، فأحببنا كتابها ةشخصياتها وأماكنها، وأجواءها، ودراما حياتهم التي عاشوها، بملهاتها ومأساتها، فصاروا في القلب من وجودنا ووجداننا، وأثروا بحبنا لهم في أفكارنا وأخيلتنا وأذواقنا، وربما صاروا في أحوالٍ كثيرة أشقاء روح، لا ينجح كثيرٌ من الكتابات هنا في الوصول إلى أدنى درجة منها.
ولذلك، فعلينا أن نحذرَ الغرباءَ دائماً : المترجمين المرتزقة، غير الأمناء، مترجمي المقاولات الذين يترجمون كل شيئ في كل شيئ عن كل شيئ، من لغات أصلية، أو من لغاتٍ وسيطة؛ الكتبة الكذبة، متعهدي دفن الأحياء بتحويلهم موتى على أيديهم، مرتكبي جريمة ضد المبدع الأصلي، وضد القارئ المخدوع بأعمالهم، بفقده إيمانه بقيم وجماليات الإبداع التي تغتال بغلظة. وذلك لأنه بدون عشق المترجم المبدع للعمل الإبداعي، وحسه بسخونة لغته الأم ومطاوعتها له، ثم ما هو أخطر من ذلك : إمتلاكه لخريطة الروح للمبدع الأصلي، والتي عليه أن يمتلكها كمبدع لكل عمل يقدم على قراءته وترجمته. بدون ذلك لا يمكن إدراك قيمة تفرد كل عمل أدبي والصلات الوثيقة العميقة التي تربطه بالتراث العظيم لآداب العالم.
ولا بد أن ندرك، مثلاً، أن الدخول إلى الأعمال الروائية والقصصية لكتاب القرن العشرين كلهم مستحيلٌ دون المرور من البوابة السامقة للعظيم دستويفسكي، كما لا يمكن الدخول للعالم الروائي والقصصي لأدباء أمريكا اللاتينية دون قطع الطريق الملكي الإسباني من العظيم ثربانتس حتى العظيم رامون دل باي إنكلان، وكذلك بدون الدخول إليهم من البوابة الشمالية للقارة الجنوبية : العظيم وليم فوكنر، وجويس، وكافكا.
بدون أن نحمل خرائط الروح هذه، التي ستزودنا ببوصلة الاتجاهات، ومعرفة إلى أين نتجه، وبدون طاقة الحب التي تعيننا على مواجهة المشكلات والصبر في معالجتها وصولاً للاكتشاف المبهر الطريقة التي ستعيد بها بناء كل هذا الجمال في لغته إلى كل هذا الجمال اللائق به في لغتنا. وبدون ذلك، ستتحولُ المسألة إلى أمر مثير للسخرية، وربما للشفقة، لكنها لن تحظى أبدا بالاحترام. ولن يتعدى الأمرُ هدمَ بناء جميل في الضفة الأخرى، ونقل الهدد، وقلبه أمامنا على الأرض، وطلبه منا أن نراه، فإذا به مكوماً أمامنا، كالكارثة !
ولذلك، فسيظل المبدعُ مترجماً، سيظل هو أملنا الوحيد؛ فهو الوحيد الذي يدرك أن للنص الأدبي تفرُّدُه البالغ مخلوق من طينة لا تشبهها طينة أخرى؛ وهذه الأعمال تحمل دائماً بصمة مبدعها، لا يمكن التنصل منها، ولا تتماهى مع بصمة أخرى. وانتماؤها لاتجاهٍ أدبي، وحملها لمؤثرات بعضها يمكن رصده، وبعضها الآخر يصعب على المبدع نفسه أو مترجمه أو حتى ناقده أن يحيط بها كلها. وهذا فارق أساسي بين الإبداع الذي يتجسدُ كياناً عضوياً يضجُّ بالحياة، والتجريد الماثل في بنية الفكر والعلم ومصطلحاتهما. ولذلك، فالمترجم المبدع لا يكتفي بالوقوف عند حدود معرفته باللغتين؛ بل لا بد أن يمتلك فوق ذلك الحسَّ باللغة، والرهافة التي يتحسسُ بها لغة كاتب، واختلافها عن لغة كاتب آخر داخل اللغة الواحدة، بل التمييز ورصد تغير أحوال الأداء للكاتب نفسه. توهج تجربته أو خفوتها وانطفاؤها. المفردات وما يطرأ عليها في مسار رحلته الإبداعية؛ ما الذي يتنحى ويموتُ منها، وما الذي يجري نحته وتخليقه ؟. ما هي طاقة الإشعاع لكل مفردة ضمن إشعاعات المفردات الأخرى والتناغم أو التنافر في الجملة، والمقطع، والفصل، ثم العمل كله ؟.
وإذا لم يكن للمترجم هذا الحس الفائق الرهافة للتمييز بين إيقاع وإيقاع : إيقاع رقص المبدع أو ركضه، إيقاع تطوحاته، أو انكفاءاته؛ إيقاع خطوات تتوقف، تسكن، وترتمي في وهــادِ الصمت. هذه كلها تتبدى ونحسها في اللغة المكتوبة، وحس المترجم المبدع فقط هو الذي يمسك بإيقاع كل هذا ويسيطرُ عليه، ويودعه ترجمته، ومن يتحقق له ذلك، فهذه شهادة إبداعه، حتى لو لم يكن يدرك ذلك عن نفسه.
إن مبدعَ العمل الأصلي يهبنا إنجازَه بكل نضارته وجمالياته. أما مترجم العمل لنا، فعليه أن يسعى لإنجازه بكل هذه النضارة نفسها والجمال. وكلٌّ منهما : المبدعُ الأصلي، والمبدع الثاني، لابد وأن يكونا متكافئين إلى حد التناظر، لإبداع هذه اللغة المشتركة، أو فلنقل هذه اللغة الواحدة، التي تخلقت من لغتين !
وهكذا، نرى أن المبدع أمرُه هين؛ أما المترجمُ الذي يطمحُ إلى إبداع ترجمته، فيبدو أن أمره أصعب بما لا يُقاس؛ فالأولُ يغني على هواه؛ والثاني عليه أن يبدعَ أغنية تطربُ أهلَه، لكن على هوى المبدع الأصلي !.

كان ديستويفسكي هو النبعُ الأولُ، من خلال ترجمة كاملة لرائعته (الجريمة والعقاب)، طبعة دار اليقظة السورية؛ وكنتُ في الثامنة عشرة من عمري، وقادتني قراءتُها لقراءة أعماله كلها، وأعمال لتشيخوف، وتورجنيف، وجوجول، وجوركي، وأندريف، وشدرين، ثم الكاتب الأمريكي العظيم وليم فوكنر، وهيمنجواي، وسكوت فيتزجرالد، وسارتر، وكامي، وفيركور، ومالرو، وسانت أكسوبري، وكافكا، وتوماس مان، وجيمس جويس، وصمويل بيكيت، ويوجين أونيسكو، وآخرين؛ ليصبَّ في روحي ذهبُ عالم كل كاتب من هؤلاء !
أمَّا النبعُ الثاني، فكان (جابرييل جارثيا ماركيث)، من خلال ترجمة لروايته القصيرة الرائعة "ليس لدي الكولونيل من يكاتبه" – ترجمة صالح علماني، دار الفارابي)، والذي قادني لقراءة (مائة عام من العزلة)، ثم (خريف البطريرك)، وأعماله كلها بعد ذلك، منطلقاً منه للبحث عن بقية القصاصين والروائيين الكبار لأمريكا اللاتينية؛ وقد خلق ذلك بداخلي ميلاً لم أقاومه لتعلُّـم الإسبانية، باحثاً بها عن عـروق ذهـب قارة، أطاح ذهبُهـا، منذ خمسمائة عام، بصواب مكتشفيها؛ فإذا بأدبها يُشـعِلُ جنوني. وبعد تعلمها، لم أستطع مقاومة ســحر وغواية الترجمة، فكانت قطرات الندى الأولى من ثمـار هذا الحب هـي أولُ كتــابٍ لي، مترجم من الإسبانية، باسم : "وسْـــمُ الســيف" – وصدر عن المجلس الأعلى للثقافة / المشروع القومي للترجمة – العدد 90،عام 1999 – وقدمه الدكتور محمد أبو العطــا، وتضمن أعمالاً قصيرة لكل من : خورخي لويس بورخيس – ليوبولدولوجونيس – إيسابل أيِّنـدي – خوان رولفو – إيبارجنجوتيا – خيراردو ماريا – إرناندو تييت – أوجوستو مونتيرُّوسو – لينو نوباس كالبو – أرتورو أوسلاربييتري.
عشرون عاما بين اكتشافي لكل من النبعين، إكتشفتُ خلالها أن حياتي كمبدع، ثم كمترجم، أُعيـدَ خلقُهـا مرتين من موتٍ مُحقَّـق.
في الأولى، أنقذني ديستويفسكي من السباحة في المياه الضحلة، التي كانت تحاصرنا، أيامها، بأدب الفاترينة الرسمي، المقرر علينا : يوسف السباعي – عبد الحليم عبد الله – أمين يوسف غراب – عبد الحميد جودة السحار – إبراهيم الورداني – ثروت أباظة؛ وآخرون باهتو الملامح، وكتابات أكثر ضحالة في صحفٍ تصدعنا كل يوم بأغنية واحدة عن الاشتراكية التي تبنى في الأعالي، والتي تسوقُ مناضليها من الموظفين للنزول بها إلى الجماهير. معالجات صحفية لمفارقات اجتماعية، وادب متواطئ، يشجع على التثاؤب، ما أن تبدأ في قراءته، وتحاول تتبع مسيرة شخصياته، أو سبر اغواره، حتى تخرج من الناحية الأخرى، وكأنك كنت تجوسُ في خرائب، وربما كان الاستثناء ايامها، دون مغالاة، يوسف إدريس، ويحيى حقي، ونجيب محفوظ، ثم فيما بعد، إنجازات ملحوظة ومبشرة بروح مغايرة وناقدة، لجيل الستينيات، جيلنا.
ولقد لعبت الأعمالُ المترجمة من أدب العالم، والتي ذكرتُ أسماءَ بعض كتّابِها دوراً هائلاً في تشكيل وعيي وذوقي الأدبي، وشحذ موهبتي لإبداع أعمالي القصصية القليلة، والتي جاءت مفارقةً للنماذج القصصية السائدة في الستينيات، ليس فقط لمن سبقوني، بل ومفارقة لأبناء جيلي أنفسهم !
والآن، هل هناك صلة بين تكويني الأدبي كمبدع، وتطلعي للأدب الإسباني، والأمريكي اللاتيني؟.
الصلة تنبُعُ من ما يدفعُنـا للتطلع إلى إبداعات شعوب أخرى، منجذبين بحاجات ورغبات عميقة في التواصل، لا تهدأ، موشكة على الخروج من جلدها لتتواصل معه. وهل حدثَ أن خرجت شعوبٌ، طلباً للتواصل، من جلدها الحي، أم أنها لا تخرجُ إلاَّ من جلدها الميت ؟. وحتى الثعابين، لا تفعل سوى ذلك وإذ تضيقُ بجلدها عندما يموتُ، فتخلعه عنها هي الحيَّـة، التي تتعرى وتقفُ منتصبة تحت سماء العالم، ناسجةً من آشعة الشمس وضوء القمر؛ من برودة الليل ودفء النهار؛ من النسائم والرياح؛ من النور والظلمة؛ من التراب والحصى؛ ومن ماء النهر وطميه، جلدَها الحـيَّ، ناجيةً به من حصار الموت إلى فرحة الحياة.
وقبل عثوري على ماركيث، بوابتي السحرية لآداب القارة اللاتينية كلهـا، كنتُ مختنقـاً ومحاصَـرَاً بما يكادُ يخنقنا في مصر، وبالتحديد في السنين الأخيرة المظلمة لحكم السادات ...
كان (الكبــارُ) قد انطفــأت رُوحُ المبدعين فيهم، فظلوا معلَّقيــن فوقنا بكتاباتهم وصورهم، كخيــال المآتة، بوجوههم، وأوسمتهم، وجوائزهم، ودكتوراتهم الفخرية، وأعياد علمهم، وإيمانهم، وتسولهم كخــدمٍ لأمكنةٍ، ومكانةٍ تليقُ بهم كدمىً آدمية تتحركُ على مســرح عرائس سلطة تتداعى، تكيدُ بهم (العوازل)، الذين كانوا غالبية الشعب، بكتّابه الممنوعين، وقادة معارضته المعتقلين.
كان المشهدُ كلُّه، ببؤسه الذي اكتملَ، يصرخُ بأن زمناً حاكماً آن له، ولا بد، أن ينتهي؛ وأن زمناً آخر يصارعُ كلَّ ما يخنقه، ولابد له أن يولد. وأيامها، كتبتُ مقالاً بعنوان : ( زمنُ الكتبة يأفلُ .. أزمنة الكتَّــاب تجيــئ !)، وصُـدِّرَ المقالُ بعبارة لسان "جون بيرس"، تفضحُ المتواطئينَ مع الاحتـلال النازي لفرنســا، تقولُ : " وكان الشــرفُ يتهـرَّبُ من جبيــن أوســـعِ الوجــوه شــهرةً !".
واغتيــلَ الساداتُ، وأعقبت موتَـه موجـةُ اعتقالات، وتوقف إصدارُ كل المطبوعات المستقلة غير الدورية. وبعد عدة أشهر، كان علينا أن نخاطرَ بكســر حلقة توقف كل الدوريات، بطبع (النديم)، والنزول بها في يناير 1974 بمعرض الكتاب بالقاهرة؛ ونزلت النديم، التي كنا نصدرها بقروشنا وعلى مسئوليتنا بالإسكندرية، وعلى غلافها عنوان المقال : زمن الكتبة يأفل، أزمنة الكتّاب تجيئ !.
وبعد قراءاتي لأعمال ماركيث، فوجئتُ بعالم روائي أقرب إلينا من حبل الوريد. عالم يواجه البشرُ فيه مصائرهم بمنطق آخر، ويسعفهم خيالُهم دائماً برؤىً وطاقات لمواجهة تراجيديا الحياة، بالتحدي، وابتداع الحلول ليس فقط للمشاكل، بل وحتى للكوارث !.
وفكَّـرتُ بالكتابة عن ماركيث، ربما لنفرحَ باكتشافنا لهذا الإبداع الذي يردُّ للأدب اعتبارَه في هذا العالم، وأملاً في أن يكون رافداً خصباً، ومنبعا لا ينضب للتأثير في كتابة أدبائنا، وكتابة الشباب على وجه التحديد. ولم أكن أقصد بالطبع أن يقلدّه البعضُ، بل أن نتعلم منه ومن الآخرين، أنداده من أدباء القارة، كيفَ عبروا عن أنفسهم وعن عالمهم، حتى يعيننا ذلك على تطوير أدواتنا الفنية وتوسيع دوائر الرؤى.
ثم فكرتُ – أميناً مع نفسي – كيف سأكتبُ عن كاتب لا أعرفُ لغته، ولم أُحـطْ بتراثه الأدبي الذي نهل من منابعه، فاكتسب سماته وروحه؛ ومن هم أسلافه الكبار الذين أحبهم فأحب الإبداع من خلالهم ؟.
وتوقفتُ عن مشروع الكتابة عن كاتبي، وشرعتُ في تعلم الإسبانية.
وهكذا دفعتني قراءة رواية قصيرة لماركيث لحب أدبه، وحب أدب قارة بأكملها، كانت مجهولة لنا، إلاَّ من قليل جداً من الكتابات عنها، وبعض النصوص منها : قارة أمريكا اللاتينية!
وما أن تعاملتُ مع اللغة الإسبانية حتى اندفعتُ للتعرف على نصوص لمن أحببتهم من كتابها. وكما قلتُ، لم أستطع مقاومة غواية وسحر الترجمة، فغامرتُ واثقاً لإدراك عميق ترسخ من زمن لديّ : أن الإبداع لا يجب أن يترجمه إلا مبدع. لماذا ؟. لأننا كنا، وفي كثير من الأحوال، نقدم على قراءة أعمال كثيرة من أدب العالم، وهي أعمالٌ رائعة، ليس بفضل ترجمتها، بل بالرغم من ترجمتها !. فكنا كمن يجتاز حواجزاً، وحفـراً، وأرضاً موحلة، للوصول للعمل الأدبي؛ وفي أفضل الأحوال، كان يصادفنا الحظُّ فنعثـر على مترجم حقيقي نادر ينجزُ ترجمتَـه بروح المبدع.
فما الذي يحدث إذاً عندما يكتشفُ المترجمُ المبدع منا عمـلاً أدبياً رائعـاً، يقفُ سامقاً كمبنىً شاهقٍ ضمـن عشرات الأبنية الشاهقة الجميلة في الضفاف الأخرى من عالمنا ؟
سيبدأ، أول ما يتوقف عنده، مأخوذاً به، في تأمله والدوران حوله، يتحسس جدرانه، وخشب أبوابه ونوافذه، والمقابض النحاسية التي يبرقُ لمعانُها الأصفرُ. ترتاحُ راحة يدنا حول كرة مقبض الباب، تديره وتدفغُ الباب برفق داخلةً، فتتلقى مع دفعات الهواء رائحة نفس البيت وحسه، والأضواء التي تنهمرُ من ارتفاعات الأسقف والنوافذ والشرفات، والذي يشح في حنياته وممراته، والتحولات التي تطرأ على نور النهار، من اصفرار شمس العصر، إلى احمرار شمس الغروب، إلى كبسة العتمة بدخول الليل، فالاشتعالُ المفاجئ لكل المصابيح، دفعة واحدة، فتنيره كله.
وكالممسوسين، سنحلم في صحونا به : آه لو كنا نحيا في هذا البيت !. آخ لو أمكننا نقله عندنا !. وسيأتي الردُّ من داخلنا : لكن هذا مستحيل !.
ومن تاريخنا ستجيئ الإجابةُ : ولكن هذا المستحيل تحقق في يوم ما !.
ففي منتصف القرن الماضي، كان سدنا العالي سيعلو، ومن خلفه ستعلو مياه بحيرة ناصر، وســتَغرَقُ النوبةُ ومعبدا أبي سمبل، وفِيَـــلَة. وكان مستحيلاً إنقاذُ النوبة، فأُنقِـذَ النوبيـون، وغرقت هي. أما المعبدان، فتقرر إنقاذُهمــا !.
ولم يكن ممكناً نقلُهما سليمين، فتم تقطيعُهما بالمناشير إلى آلاف القطع، ليسهل نقلها من مكانها، فوق مياه النهر إلى المرتفعات التي لا تدركُها مياه البحيرة. وجرى ذلك بمشقة، لكن بخطواتٍ سليمة مُحكمة، لأن وحدات البناء وقطعه كانت هي الأحجـار.
وفي العمل الأدبي، يتطلب منك الأمرُ أن تقومَ بعمل مماثل. والفرق المعجزُ، أنه لا يمكن حســاب أو تخيُّـل مدى الاختلاف بين مبنى العمل الإبداعي، والمبنى الحجري : إنه كامن في الكلمات !. الكلمات : هي هذا السرُّ المعجزُ الذي منحنا بشريتنا، وإعجازها يكمن في طبيعتها الرهيفة بمن تصدر عنهم. فالكلمات بشكلها وجرس أصواتها، ودلالاتها وثيقة الصلة بهم، في أصوات أزمنتهم، وأماكنهم، تنفس نومهم، ولهاث يقظتهم، ألوان بشرتهم وثيابهم، وأغانيهم، إمتلاؤها بشبعهم، ونحولها بجوعهم، تصاعد رنة الفرح، أو انقطاع الصوت والخرس أمام كل كارثة.
إنها لغتهم هم، هنا, في مكانهم الذي جئتُ إليهم فيه. هنا هي قلبُ وجودهم.
أما نحن، فمن هناك، حيث نحيا نحن، وتحيا لغتنا نحن.
وإذا كان علينا أن ننقل أبنيتهم، بيوتهم، ومعابدهم، وجودهم وفناءهم، من خلال لغتهم إلى لغتنا، فما هذا الذي سنأخذه من لغتهم لنبنيه بلغتنا ؟
يا ألله !
أليس تقطيعُ الحجارة، رفعها ونقلها، إعادتها إلى مكانها كلبناتٍ في البنـاء، أسهل من تفكيك العمل الأدبي، لنقله وإعادة بنائه في أرضٍ غريبة، بما لا يمكن تصوره ؟!
ومع ذلك، فقد حدث أن تحققت المعجزةُ لمرَّاتٍ ليست بالقليلة على يد مترجمين عظماء، أبدعوا لنا ترجماتٍ عظيمةً لأعمالٍ عظيمةٍ، استحضروا روحَهـا لتحلَّ في لغتنا بعظمةٍ تكادُ تتساوى وعظمتها في لغتها، فأحببنا كتابها ةشخصياتها وأماكنها، وأجواءها، ودراما حياتهم التي عاشوها، بملهاتها ومأساتها، فصاروا في القلب من وجودنا ووجداننا، وأثروا بحبنا لهم في أفكارنا وأخيلتنا وأذواقنا، وربما صاروا في أحوالٍ كثيرة أشقاء روح، لا ينجح كثيرٌ من الكتابات هنا في الوصول إلى أدنى درجة منها.
ولذلك، فعلينا أن نحذرَ الغرباءَ دائماً : المترجمين المرتزقة، غير الأمناء، مترجمي المقاولات الذين يترجمون كل شيئ في كل شيئ عن كل شيئ، من لغات أصلية، أو من لغاتٍ وسيطة؛ الكتبة الكذبة، متعهدي دفن الأحياء بتحويلهم موتى على أيديهم، مرتكبي جريمة ضد المبدع الأصلي، وضد القارئ المخدوع بأعمالهم، بفقده إيمانه بقيم وجماليات الإبداع التي تغتال بغلظة. وذلك لأنه بدون عشق المترجم المبدع للعمل الإبداعي، وحسه بسخونة لغته الأم ومطاوعتها له، ثم ما هو أخطر من ذلك : إمتلاكه لخريطة الروح للمبدع الأصلي، والتي عليه أن يمتلكها كمبدع لكل عمل يقدم على قراءته وترجمته. بدون ذلك لا يمكن إدراك قيمة تفرد كل عمل أدبي والصلات الوثيقة العميقة التي تربطه بالتراث العظيم لآداب العالم.
ولا بد أن ندرك، مثلاً، أن الدخول إلى الأعمال الروائية والقصصية لكتاب القرن العشرين كلهم مستحيلٌ دون المرور من البوابة السامقة للعظيم دستويفسكي، كما لا يمكن الدخول للعالم الروائي والقصصي لأدباء أمريكا اللاتينية دون قطع الطريق الملكي الإسباني من العظيم ثربانتس حتى العظيم رامون دل باي إنكلان، وكذلك بدون الدخول إليهم من البوابة الشمالية للقارة الجنوبية : العظيم وليم فوكنر، وجويس، وكافكا.
بدون أن نحمل خرائط الروح هذه، التي ستزودنا ببوصلة الاتجاهات، ومعرفة إلى أين نتجه، وبدون طاقة الحب التي تعيننا على مواجهة المشكلات والصبر في معالجتها وصولاً للاكتشاف المبهر الطريقة التي ستعيد بها بناء كل هذا الجمال في لغته إلى كل هذا الجمال اللائق به في لغتنا. وبدون ذلك، ستتحولُ المسألة إلى أمر مثير للسخرية، وربما للشفقة، لكنها لن تحظى أبدا بالاحترام. ولن يتعدى الأمرُ هدمَ بناء جميل في الضفة الأخرى، ونقل الهدد، وقلبه أمامنا على الأرض، وطلبه منا أن نراه، فإذا به مكوماً أمامنا، كالكارثة !
ولذلك، فسيظل المبدعُ مترجماً، سيظل هو أملنا الوحيد؛ فهو الوحيد الذي يدرك أن للنص الأدبي تفرُّدُه البالغ مخلوق من طينة لا تشبهها طينة أخرى؛ وهذه الأعمال تحمل دائماً بصمة مبدعها، لا يمكن التنصل منها، ولا تتماهى مع بصمة أخرى. وانتماؤها لاتجاهٍ أدبي، وحملها لمؤثرات بعضها يمكن رصده، وبعضها الآخر يصعب على المبدع نفسه أو مترجمه أو حتى ناقده أن يحيط بها كلها. وهذا فارق أساسي بين الإبداع الذي يتجسدُ كياناً عضوياً يضجُّ بالحياة، والتجريد الماثل في بنية الفكر والعلم ومصطلحاتهما. ولذلك، فالمترجم المبدع لا يكتفي بالوقوف عند حدود معرفته باللغتين؛ بل لا بد أن يمتلك فوق ذلك الحسَّ باللغة، والرهافة التي يتحسسُ بها لغة كاتب، واختلافها عن لغة كاتب آخر داخل اللغة الواحدة، بل التمييز ورصد تغير أحوال الأداء للكاتب نفسه. توهج تجربته أو خفوتها وانطفاؤها. المفردات وما يطرأ عليها في مسار رحلته الإبداعية؛ ما الذي يتنحى ويموتُ منها، وما الذي يجري نحته وتخليقه ؟. ما هي طاقة الإشعاع لكل مفردة ضمن إشعاعات المفردات الأخرى والتناغم أو التنافر في الجملة، والمقطع، والفصل، ثم العمل كله ؟.
وإذا لم يكن للمترجم هذا الحس الفائق الرهافة للتمييز بين إيقاع وإيقاع : إيقاع رقص المبدع أو ركضه، إيقاع تطوحاته، أو انكفاءاته؛ إيقاع خطوات تتوقف، تسكن، وترتمي في وهــادِ الصمت. هذه كلها تتبدى ونحسها في اللغة المكتوبة، وحس المترجم المبدع فقط هو الذي يمسك بإيقاع كل هذا ويسيطرُ عليه، ويودعه ترجمته، ومن يتحقق له ذلك، فهذه شهادة إبداعه، حتى لو لم يكن يدرك ذلك عن نفسه.
إن مبدعَ العمل الأصلي يهبنا إنجازَه بكل نضارته وجمالياته. أما مترجم العمل لنا، فعليه أن يسعى لإنجازه بكل هذه النضارة نفسها والجمال. وكلٌّ منهما : المبدعُ الأصلي، والمبدع الثاني، لابد وأن يكونا متكافئين إلى حد التناظر، لإبداع هذه اللغة المشتركة، أو فلنقل هذه اللغة الواحدة، التي تخلقت من لغتين !
وهكذا، نرى أن المبدع أمرُه هين؛ أما المترجمُ الذي يطمحُ إلى إبداع ترجمته، فيبدو أن أمره أصعب بما لا يُقاس؛ فالأولُ يغني على هواه؛ والثاني عليه أن يبدعَ أغنية تطربُ أهلَه، لكن على هوى المبدع الأصلي !.
محمد إبراهيم مبروك
قاص ومترجم
ذكريات العمر

د.مصطفى كمال طلبه
حديث الصيام في القرآن الكريم

أ.د محمد الدسوقى
في الدين والدنيا والحب

النجاح قصة حب.. جملة ترن فى أذنى منذ أن سمعتها من أستاذى مصطفى أمين فى أول لقاء معه من ربع قرن أحببت الكتابة، وعشقت الكلمات، وطربت بجرس الحروف، ورائحة الحبر عندى أحلى من أغلى العطور. علمنى عبقرى الصحافة ألا ارتدى رداء الحزبين والسياسيين والمتعصبين. فأصبحت حراً لا أنتمى إلا للكتابة والصحافة. منحنى وهو على قيد الحياة 10 جنيهات وقعها بخط يده اعجابا بمقال كتبته فى الأخبار، وأنا أحبو فى بلاط صاحبة الجلالة.. وفزت بجائزته بعد وفاته عن مجمل مقالاتى التى نشرت هذا العام. وفى هذا الكتاب قطفت من بساتين السنين مقالات كتبتها فى الحب، والدين، والدنيا، كتبتها بمنتهى الحرية. فعنوانها ومضمونها يقطران حرية، فالحرية عندى قبل الماء والهواء. والقارئ هو الحكم، والبُصلة، والدفة.
محمد عبدالحافظ
أوراق روسية
Русские Очерки
Ахмед Аль-Хамиси
إلي أصدقاء الثقافة العربية فاليريا كيربتشنكو ، وأولجا فيلاسوفا، وآليج بافيكين، وإلي روح الصديق العزيز إيجور تيموفييف، وإلي مواطن روسي أجهل اسمه أضرم النار في نفسه أمام بيته احتجاجا على الغزو الأمريكي للعراق. إليهم أوراق محبة وتذكارا.
أحمد الخميسي
" نجوم كثيرة .. قمر واحد
نساء كثيرات .. أم واحدة
بلاد كثيرة .. وطن وحد "
نساء كثيرات .. أم واحدة
بلاد كثيرة .. وطن وحد "
الشاعر رسول حمزاتوف
هذا الكتاب .. لماذا
"ليس كمن رأى كمن سمع"مثل عربى شهير يصدق تماما على رائعة كاتبنا الكبير الدكتور احمد الخميسى"اوراق روسية"والذى نقدمه للقراء الأعزاء،فهو يصف لنا رحلته عام 1972 الى الأتحاد السوفيتى قبل أنهياره مصححا لنا مفاهيم خاطئة عن الإنسان الروسى من حيث تجهمه وقسوة مشاعره،يقدم لنا صورة حقيقية عن المجتمع الروسى وبداية علاقته بالشرق والعرب واسماء مصرية عربية ساهمت فى تشكيل علاقة وطيدة بين الجانبين، وبالطبع يختار لنا دكتور الخميسى ذكرياته مع بعض قامات ادبية روسية واصفا لنا الأحوال السياسية والإجتماعية بأسلوبه الرائع الجذاب ليرسم لنا لوحة من الكلمات لمجتمع لا نعرف عنه الكثير سوى مواقف حكوماته واسماء بعض مشاهيره من الكتاب الذين صاغوا وجدان القارىء العربى مثل انطون تشيكوف الذى يربطه بكاتبنا الخميسى علاقة روحية شديدة الخصوصية، إن كتاب "اوراق روسية"قطعة ادبية جميلة تروى ذكريات عاشها كاتبنا بقلب وعقل مفتوح لينقل لنا اجمل مافى هذا المجتمع وهو الإنسان الروسى الذى يمتلأ مشاعر وعاطفة بعكس تصور كثير منا.
ثناء ابوالحمد
اول يونيه 2013
الشيعة قادمون
الأمر الجلل الذي يجب التركيز عليه هو مسألة الاختراق الشيعي للبلاد السنية؛ فمصر مثلا كانت ولازالت معقلا لأهل السنة والجماعة، والأزهر يرفض رفضا قاطعا هذا الاختراق من الشيعة، ولا نحب لشباب مصر وأهلها أن يتشيعوا، وهذا ينطبق على باقي العالم العربي والإسلامي. هذا يهدد وحدة النسيج الوطني والثقافي والاجتماعي في المجتمعات السنية، فتصدير المذهبيات من مجتمع إلى آخر، جهود وأنشطة عبثية ينبغي علينا جميعا أن ندينها ونوقفها.
دكتور احمد الطيب شيخ الأزهر
هذ الكتاب .. لماذا

ثناء ابوالحمد منتصف مايو 2013
هذا الكتاب لماذا؟
جبال الكحل

ثناء أبوالحمد
أرض الفيروز
سيناء تحمل بصمات مصر حضارة و ثقافة وطابعا وسكانا ، بل إن تراب سيناء قد أمتزج بالدم المصرى المدافع ربما أكثر من أى رقعة أخرى مماثلة من التراب الوطنى فحيث كان ماء النيل هو الذى يروى الوادى كان الدم المصرى هو الذى يروى رمال سيناء.
دكتور جمال حمدان
هذا الكتاب ...لماذا؟

ثناء ابوالحمد
25 ابريل 2013
حلوة بلدنا
مصر
تقديم

طارق عبد العزيز
البابا الأسطورة
" البابا شنودة الثالث"
مصر وطن يعيش فينا وليس وطنا نعيش فيه" البابا شنودة الثالث"
هذا الكتاب ..لماذا

ثناء ابوالحمد
(لهذا الكتاب قصة !!)
أعترف .. أنني تصديت لمهمة صعبة ، عندما قررت البدء بهذا الكتاب ، قبل عام واحد من وفاة البابا شنودة ، فاذا به يخرج للنور بعد سنة من رحيلة !! استغرقت عامان كاملان في كتابة هذه الصفحات التي تحملها بين يديك ، يتوسطهما الحدث الجلل ، وأقصد جنازة القرن كما يطلقون على يوم رحيل البابا شنودة الثالث . كان من المقرر أن أنتهي من الكتاب أوائل مارس 2012، على أن أختمه بلقاء مطول مع البابا شنودة في الدير.. هناك في مكانه المحبب بوادي النطرون حيث بدأت رحلته مع الرهبنة.. فاذا بي انتهي من الكتاب بالفعل قبل وفاة البابا بأيام، ويشاء القدر ألا يتم الحوار الأخير مع البابا وأن تكون السطورالأخيرة في الكتاب هي وصف زحف الملايين من المصريين ..من المسلمين والمسيحيين خلف نعش البابا في رحلة وداعه الى مثواه الأخير !! وأعترف أنني كنت كرجل أسقطوه في قلب المحيط وأمروه بالغوص فيه شرقا وغربا ، طولا وعرضا .. فكلما غصت في التعرف على الرجل ، كلما أشفقت على نفسي من الكتابة عنه رغم أن حرفتي الوحيدة هي الكتابة ، فمشكلة الكتابة عن شخصية بحجم البابا شنودة هي كيفية عمل عصير لذيذ من آلاف المعلومات التي عرفتها عن الرجل الذي قضى أكثر من 40 عاما يقود الكنيسة القبطية بكل عنفوانها وقوتها في أدق وأصعب وأهم مراحل تاريخها العريق !! رجل بهذا الاتساع العلمي والمعرفي والأفق الفكري .. وبهذا الحجم من العلاقات والخبرة وتعدد المواقف .. كلما بحثت في جوانب شخصيته وجدته قمة متفردة في كل منها.. فهو البابا الذي لم يستطع سياسيا داهية في وزن الرئيس الأسبق أنور السادات أن يراوغه ويحجمه داخل أسوار الدير ، بل على العكس اتسعت في عهده الكنيسة القبطية أكثر مما كانت عليه. لكن هذا الاتساع تمدد في عهد الرئيس السابق حسني مبارك الذي ناوره أيضا البابا شنوده وتماهى ظاهريا مع سياساته على اعتبار أن السياسة هي فن الممكن للحصول على الحد الأقصى من المكاسب ، فاتسعت الكنيسة القبطية في الداخل والخارج كما لم تتسع من قبل ، بل أصبحت كنائسها هنا وهناك بمثابة سفارات دينية أو امتدادا لسلطة الكنيسة خارج الحدود. وشنودة الثالث هو البابا الذي تحاور مع العالم شرقا وغربا وقابل كبار الساسة شمالا وجنوبا لخدمة قضايا الوطن والعروبة ، منطلقا من وطنية جارفة ومصرية مطلقة وعروبة خالصة ، بشخصية ذكية متزنة ، مرنة ومتعلمة ، واثقة من نفسها لأبعد مدى. قال عنه أديبنا الكبير نجيب محفوظ: "لقد كان البابا شنودة الثالث دائما رجلا صلبا متفائلا .. شديد الذكاء ، مصريا عميق الأصالة ، عربي الوجدان والتوجهات ، انساني النزعة ، عالمي الأفق" ورغم كل ذلك .. لم يكن أبدا يتميز بالجهامة أوالعبوس أو الغلظة أو الجدية المفرطة .. بل على العكس كان بشوشا .. سريع البديهة وكان أحد كبار الظرفاء من أبناء ذاك الجيل الذي كان يجيد "حبك القفشات" وكان شاعرا أديبا وصحفيا بارعا ، يجيد عدة لغات ويتكلم الانجليزية بطلاقة أهلها وكان يستطيع التحدث بها لعدة ساعات في تخصصات مختلفة دون خطأ واحد. والمثير أنه كان يتمتع بذاكرة حديدية حتى آخر أيامه وقدرة فائقة على التنظيم والادارة رافقته منذ سنوات شبابه الأولى ، اضافة الى ثقافة واسعة في مجالات شتى مكنته من التدفق اذا تكلم .. فلا يفيض بالفعل إلا من امتلأ !! والعجيب أن أزمات كثيرة هادرة قد واجهته في حياته .. كانت أي منها قادرة على كسر أقوى الرجال كما سنرى في الكتاب .. فخرج منها جميعا منتصرا مرة بالكياسة وأخرى بالهدوء وثالثة برباطة الجأش والشجاعة. لقد غزلت هذه السطور عن حب واعي وايمان حقيقي بأن نهرالنيل والتماسك الاجتماعي هما ما يصهر ويصنع سبيكة هذا الشعب الذي صمد آلاف السنين أمام المحاولات المستمرة لتفتيت وحدته والنيل من قوته ، وهو ما نعول عليه في مستقبل هذا الوطن وبقاء أبناءه. كتبت قصة حياة البابا شنودة منسوجة بأهم أحداث الوطن .. حاولت أن أرسم ملامحه الانسانية والكشف عن جوانبها الخفية فضلا عن شخصيته الدينية ومكانته الوطنية.. بمعنى آخر بحثت هنا عن البابا ليس رجل الدين فحسب .. بل أيضا البابا الانسان فكان بالفعل .. رجلا أسطورة !!
احمد السرساوى
ضغط الدم
التوتر .. القلق.. الإنفعالات
أ.د. شريف الطوبجى
أستاذ أمراض القلب كلية الطب جامعة القاهرة
رئيس الجمعية المصرية لأمراض القلب
سيرة حياة
رائد السينما التسجيلية
" سعد نديم "
هذا الكتاب.. لماذا؟

ثناء أبوالحمد
آيات مبصرة في القرآن الكريم

د. أحمـــــد درة
الحفل الصباحي

محمـــود الـوردانــى
إهداء ...
الى من يؤمنون أن هذا الوطن يستطيع أن يصنع المستحيل
ماقبل السقوط
كواليس قصر العروبة رصدها أسامة السعيد

أن السنوات الثلاث التى قضيتها وراء جدران القصر الرئاسة ، ومتجولا فى مختلف انحاء مصر ، وبعض الدول العربية والاجنبية فى الجولات الخارجية للرئيس السابق/المخلوع حسنى مبارك، ربما كانت الاهم فى كل سنوات حكمه الثلاثين ، ليس فقط بحكم ما شهدته من أحداث ، وانما أيضاً – وربما هذا هو الأهم - بحكم ما احتوته من تحديات وتحركات وأيضاً اخطاء عجلت بنهاية رجل ، كان من الممكن ان يدخل التاريخ من أوسع أبوابه ، فإذا به يدخل قفص الاتهام على سرير طبي!.. وحولته من واحد من اطول الحكام بقاء في السلطة ، الى أول "فرعون" يحاكمه شعبه! من هنا فإننى أكتب هذه السطور لأننى لا اريد ان أكون كاتماً لشهادة ، او شيطاناً اخرس ، فقد شاء القدر لى ان اكون شاهدا ولو على جانب يسير من تاريخ مصر ، وربما من الخيانة لأمانة القلم والمهنة والضمير ولحكمة القدر أيضاً ان اكتم ما لدى ، وربما يكون ما لدى لا شيئ اذا ما قورن بحقائق الامور ، او بما لدى اخرين ممن آثروا الصمت وآووا الى الظل بإرادتهم ، كل ما أحاول أن اقدمه هو إحداث "ثقب " في جدار الصمت الذي يفصلنا عن كثير من الحقائق ،وقد يغضب ما تتضمنه تلك الصفحات البعض،وقد يرضي البعض الآخر، لكنني – مخلصاً- لا أسعى الى إرضاء طرف ما ، أو إثارة غضب طرف آخر ، إنما فقط أحاول أن ألقي نقطة نور في بحر من الظلمات، فيرضى من يرون النور بعد طول ظلام ، وليغضب من يريدون أن يبقى الظلام. ولعل ما أقدمه فى قادم الصفحات يشجع من لديهم "الكثير" ليقدموا روايتهم ورؤيتهم لتلك الفترة الحاسمة من تاريخ مصر ، حتى لا نكرر اخطاء الماضي وننساق وزراء المزورين والمفبركين الذين هم فى الحقيقة "شاهد ما شافش حاجة"!! ومن أجل الحقيقة أيضاً ينبغى ان أقول أن ما تحويه الصفحات القادمة يمثل جهداً شخصياً خالصاً ، لا أهدف به الى التأريخ ، فهذا أمر أكبر وأشق من أن يقوم به شخصي الضعيف،لكن السطور التى بين أيديكم يمكن ان تكون "رؤية من قريب" لأيام مهمة من حياة مصر ،عايشتها ورغبت فى تسجيلها ، قبل ان يطمسها غبار الأيام والأحداث.
اسامة السعيد
جرافيتي
شاهد على الثورة

د. أحمد سليم أحمد سالم أستاذ التصوير الجدارى المساعد بكلية الفنون الجميلة
نحن مسلمون وطنا ونصارى دينا
مكرم عبيد باشا
مريم العذراء في الفن
هذا الكتاب ..لماذا

ثناء ابوالحمد
منتصف ديسمبر 2012
نجيب محفوظ
بقلم نجيب محفوظ
هذا الكتاب..لماذا

فى كاتب كبير اسمه نجيب محفوظ سيخلد التاريخ له مواقفه تجاه وطنه والذى كان بمثابة سيرة لهذا الوطن
ثناء ابوالحمد - اول ديسمبر 2012 .
مذكرات الجوهري

ثناء ابوالحمد
المحمل وأيامه

ثناء ابوالحمد 10 اكتوبر 2012
قادة حرب أكتوبر .. يفتحون خزائن أسرارهم

صباح النعناع
قبل أن تقرأ
بالسخرية والضحكات يواجه الشعب المصري كل أوضاعه السلبية والتي وصلت إلي ذروتها مع وصول الفساد لكل مناحي حياتنا، ولان السخرية مأمونة الجانب أبدع فيها الكثير، وعلي المستوي الأدبي تعد الكتابة الساخرة من أصعب أنواع الكتابة لأنها أشبه بالسهل الممتنع لذا حرصنا علي تقديم إبداع الكاتب المتميز عبدالقادر محمد علي «صباح النعناع» والذي يهدف بها إلي تقليل صدمات الإنسان المصري مما يواجه من معاناة يومية في كل الأمور بدون مبالغة، عبدالقادر محمد علي ظل مختبئا وراء عمله الصحفي سنوات طويلة حتي قرر مؤخرا الكشف عما خبأه عنا سنوات من موهبة إبداعية في الكتابة الساخرة بعد عمله الأول «روكا والملك» الذي لاقي نجاحا كبيرا، وها هو عمله الثاني بين يدي القاريء لينعم بضحكة من القلب تخفف من همومنا الحياتية لننعم بحق بصباح نعناع.
ثنــــاء أبوالحمــد
أحفــــــاد ريا وســكينة
عبدالقادر محمد علي

0 comments:
Post a Comment
قول ولا تجرحـش