ارتفعت مكانتها بين الخلائق
جمعاء لتكون الحافظة
الراعية الحارسة للدين الحنيف
لتراث النبوّة وسجل الرسالات الإلهية
لأعظم ثروة إنسانية فكرية فى هذا الوجود
لوديعة الله تعالى إلى
الوجود الإنسانى
إلى أن تزول السماوات والأرض
لأثقل موازين الهداية على وجه الكون
القرآن الكريم. للمصحف الشريف
لآيات الله البَيِّنات
ليس فقط فى صدرها
ووجدانها وعلى لسانها
وإنما أن يعهد إليها
بحفظ صحف الله المنزلة
بالوحى على
رسول الله صلى الله عليه وسلم
ألاّ يخرج كتاب الله من بيتها
إلى الوجود كله إلا بعد
استئذانها للاستشهاد به
مقابل مصحف عثمان الجديد
ثم ليعاد إليها كنزها المقدس
كما وُعِدتْ المحفور
على الأدم الجلد المدبوغ
وكسِر الأكتاف العظام العريضة
فى أكتاف الحيوان والعسب جريد النخل
واللخاف صفائح الحجارة الرقاق
والأقتاب جمع قتب
وهو رَحل البعير
حفصة ابنة عمر بن الخطاب
حافظة المصحف الشريف
التى قال عنها جبريل للرسول
إنها صوّامة قوّامة
وإنها زوجتك فى الجنة
التى ولدت فى نفس العام
الذى وُلدَت فيه فاطمة الزهراء
ابنة الرسول فى السنة الخامسة قبل البعثة
وهاجرت منفردة من مكة للمدينة
القارئة الكاتبة
مقياس صحة الآيات البيِّنات أم المؤمنين
زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم
التى أصدقها بأربعمائة درهم
وعاشت فى بيت النبوّة
تتعلم وتُعلِّم بأمر رسول الله
حيث علمتها الشفَاء بنت عبدالله
القراءة والكتابة
وروت عن الرسول الحديث
ولها فى الصحيحين ستون حديثا
وروى عنها أخوها عبدالله وابنه حمزة
وكانت حفصة قد ترملت
من بعد وفاة زوجها الصحابى
خنيس بن حذاقة بن قيس بن عدى السهمى القريشي
متأثرًا بجراحه فى غزوة بدر
وهى لم تزل فى الثامنة عشرة
فأراد والدها عمر بن الخطاب
تزويجها لأبى بكر الصديق
ولما عرضها عليه موقنًا
بترحيبه بالشابة التقية
فوجئ بالصِدِّيق يمسك ولا يجيب
فانصرف غير مصدق
لتسير به قدماه
لدار عثمان بن عفان
من رحلت زوجته
السيدة رقية بنت محمد عليه الصلاة والسلام
بعد مرضها بالحصبة إثر عودتها من الحبشة
وأثناء الحديث عرض
عُمر على عثمان ابنته حفصة
وهو لم يزل شاعرًا بمهانة
رفض من أبى بكر
فجاء جواب عثمان
بمثابة اللطمة الثانية
إذ طلب أن يستمهله أيامًا
عاد بعدها ليقول له: ما أريد أن أتزوج اليوم
فانطلق عُمر الغاضب
إلى الرسول يشكو صاحبيه
فتبسم له المصطفى قائلا
يتزوج حفصة من هو خير من عثمان
ويتزوج عثمان من هى خير من حفصة
ويدرك ابن الخطاب ما وراء قول الرسول فيقوم ليصافحه مهللا وقد زالت عنه كل مهانة الرفض المزدوج، ويلقاه أبى بكر الذى يمد إليه يدًا مهنئة معتذرة: لا تحمل علىّ يا عمر فقد كان رسول الله قد ذكر حفصة فلم أكن لأفشى سره
وبعدها كان زواج عثمان من أم كلثوم
ابنة محمد صلى الله عليه وسلم
وبعد وفاة أبوبكر أول الخلفاء الراشدين
تولى الخلافة عمر بن الخطاب
لتشهد حفصة أمجاد أبيها ومآثره
وفتوح الشام والعراق ومصر فى عهده
إلى أن روعت بمصرعه
بطعنات خنجر أبى لؤلؤة المجوسى
ليتولى الخلافة عثمان
الذى يستأذن حفصة فى كنزها
الذى عهد به إليها أبوبكر
وكان قد جمعه زيد بن ثابت القائل
والله لو كلفونى نقل جبل من الجبال
ما كان أثقل علىّ مما أُمِرتُ به من جمع القرآن
حيث تتبعته أجمعه
من العسب واللخاف وصدور الرجال
حتى وجدت آخر سورة التوبة
مع أبى خزيمة الأنصارى
ولم أجدها مع أحد غيره
(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم)
، وكان عثمان يبغى مقارنة
مصحفه بمصحف حفصة
الذى يمثل أضعاف حجمه
وتنوء بحمله الجبال لأنه
جُمِعَ بالأحرف السبعة كلها
بينما مصحف عثمان
قد جُمِعَ على حرف واحد فقط
وقد نسخ منه سبع نسخ
وُزِعت على الأمصار
بعد كتابتها على الجلود
بالخط الكوفى
بغير نقط ولا علامات
للأجزاء والأحزاب
ذهب منها
مصحف للمدينة
وآخر للشام
وثالث للكوفة
ورابع للبصرة
وخامس إلى مكة
وسادس لليمن
أما المصحف السابع
فاحتفظ به عثمان لنفسه
ليقرأ فيه وقُتِلَ وهو بين يديه
وكان عثمان تخوفا من الفتنة
وقد دخل الإسلام
من يريدون الانتقام منه
لدولهم التى غزاها نوره
فاندسوا بين المسلمين
يبثون روح الشك فى الثوابت
فانبرى لهم ذو النورين
وقام بحرق المصاحف
التى كتبت بغير حرف قريش
ولم يبق إلا على المصحف الإمام
- مصحف عثمان -
وما نُسِخ منه
فلا يرجع إلى سواه ولا يعتمد على غيره
حرق عثمان المكتوب كله
ورد إلى أم المؤمنين حفصة مصحفها
الذى كان إمامًا وهاديًا لمصحف عثمان
وكان قد وعدها برده فوفى بوعده
ولما توفيت
أمر والى المدينة مروان بن الحكم
بحرق مصحفها تنفيذًا لوصية عثمان
الذى أراد ألا يحرمها منه فى حياتها
لكنه خشى بعد وفاتها
وقوعه فى يد أحد يمحو منه أو يضيف إليه
وبعد مقتل عثمان
قام علىّ رضى الله عنه
يخطب فى مثيرى الفتنة
يا معشر الناس اتقوا الله
وإياكم والغلوّ فى عثمان
وقولكم حرق المصاحف
فو الله ما حرقها إلا على ملأ منا
أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم
وروى عن عمر بن سعيد قوله
قال على بن أبى طالب
لو كنت الوالى وقت عثمان
لفعلت مثل الذى فعل عثمان
وفى زمان الفتنة الكبرى
خرجت عائشة مع الذين كرهوا البيعة لعلىّ
وعزمت حفصة على الخروج معها
امتدادا لرابطتهما فى البيت النبوى
لولا أن ردّها شقيقها عبدالله بن عمر
فأقامت بالمدينة عاكفة على العبادة
إلى أن توفيت فى عهد معاوية.
المقال كاملاً
0 comments:
New comments are not allowed.