Tuesday, May 8, 2012

.............بـــحــــب الكتــــ4ـــب..........



تغريبة بيرقدار في السجون السورية
تدين الصمت وخيانة اللغة
كتب:سيد محمود حسن
قرأت الطبعة الاولي من كتاب خيانات اللغة والصمت‏,‏ تغريبتي في سجون المخابرات السورية للشاعر السوري فرج بيرقدار عند صدورها عن دار الجديد في بيروت قبل سنوات من اندلاع الثورة السورية.
لكن طبعته الثانية التي صدرت قبل أيام أضافت لي شعورا جديدا بالمرارة وجعلتني أفكر في الآف المعتقلين الذين يعيشون الآن نفس التجربة التي عاشها بيرقدار وخرج منها بعد14 عاما أثر حملة ضغط شاركت فيها عدة منظمات دولية, وأسأل نفسي هل سيجد المعتقلون الجدد من يدافع عنهم بينما الدم يملأ الشوارع أم أنهم سيبقون لاعادة انتاج التجربة التي كانت موضوعا لهذا الكتاب الذي ترجم الي السويدية والالمانية و بقي فريدا في المكتبة السورية التي لم تعرف أرثا من أدب السجون يقارب الإرث الذي يعرفه الادب المصري ذلك علي الرغم من الثقافة العربية لا تزال صاحبة أكبر تراث عالمي في أدب السجون كما يشير المؤلف وهو إرث خلف وراءه نصوصا غاية في الاهمية والعذوبة تبقي علي مافيها من قسوة شهادة علي معني المقاومة وقيمتها بنفس القدر الذي تشير فيه بأصابع الاتهام الي أصابع الجلاد.
وفي مقدمة الطبعة الجديدة يوضح بيرقدار انه لا يزال يأمل في إنجاز كتاب عن الحرية بعد ان انجز كتابه عن السجن ويطرح أمنيته في صورة سؤال عن امكانية تحقيق هذا الأمل, مؤكدا أنه طوال تجربته لم يكن معنيا بحرية الابداع في حياته مكتفيا بحريته الداخلية, لكن ما يعنيه ابداع الحرية الذي تشرفت بها الشعوب العربية خلال الشهور الاخيرة علي الرغم من فجاعة التضحيات.
وللوهلة سينخدع القاريء بمقدمة الكتاب التي تستند إلي حقيقة خبرها هواة هذا النوع من الكتب, فمؤلفه يشير الي ان المعتقلين في سنواتهم الاولي بالسجن لا تكون بجوزتهم الاوراق والاقلام والكتب او السجائر الامر الذي يدفعهم لتدريب ذاكرتهم للكتابة عليها وهكذا فعل صاحبنا مرتدا الي طفوله البشرية, وقت ان كانت الشفاهية هي مصدرها الوحيد لحفظ تاريخها, لكنه خطا فيما بعد خطوته الكبري عندما بدأ تحفيظ رفاقه القصائد التي يكتبها خوفا من ضياعها( ألم يفعل فؤاد حداد ذلك في الخمسينيات).
ثم بدأت عملية جماعية لنسخ هذه النصوص عندما توافرت الاوراق, في لعبة يسميها فعل الابداع الجماعي المؤسس بالضرورة علي تجربة فردية.
وربما بفضل الكتابة وحدها تمكن الشاعر من مقاومة سنوات السجن و التـأريخ للحظات الطفو فوق تاريخ ضائع بحسب تعبيره, فهو يعترف قائلا: لو كنت سياسيا لكان يمكن أن انهزم, غير ان الشعر استطاع ان ينقذني ويعطي حياتي في السجن معني مختلفا وقيمة مختلفة عما يراد.
وفي الكتاب تتكرر ممارسات محو الذات التي مارسها الجلادون, اذ يتحول البشر المعتقلون الي ارقام بدلا من اسماء, وتلغي الهويات الشخصية في صورة من صور التنكيل وكسر النفس ويحتوي الكتاب في غالبية صفحاته علي صنوف من آليات التعذيب التي يصل بعضها الي حد التشابه مع ما كان يمارس في السجون النازية خلال سنوات الحرب العالمية الثانية. ولكنه في المقابل يحفل بصور المقاومة وتأكيد الذات ويرصد محاولات السجناء لمواجهة السلطة بالاضرابات المتكررة وغيرها من صور التصعيد.
ويعترف بيرقدار الذي يكتب بضمائر سرد متعددة- وان كانت الغلبة لضمير المخاطب- بأنه كتب من موقع الضحية التي ليس بوسعها الا ان تصرخ وتموء وتعوي وتخور, لذلك انطوت التجربة بفضل مراراتها علي بعض العبثية, فللعقل ايضا تضليلاته وميوله التسلطية المرعبة التي يصعب مواجهتها في السجن حيث ينتبه الشاعر لأول مرة الي هذه الجهنم النائمة في جزيرة من الرجال وربما بفضل هذا الاعتراف يمكن للقاريء التعاطف مع النبرة الحادة المباشرة التي كتب بها المؤلف نصوصا كثيرة لكنها تخفت وتتراجع أمام نبرة الصدق التي يتأرجح فيها السرد ما بين المحتوي الشعري والحس التوثيقي الذي يعتني كذلك بتفاصيل الحياة اليومية داخل السجن ويمنحها زخما انسانيا نادرا لا يمكن تفاديه., فالشرفة الصغيرة في السجن وهي تكشف قمرا مضيئا تبدو للسجين أهم من شاشات العالم جميعا, فهذا القمر كان ينحني الي مستوي الشرفات, هو يعبرها واحدة واحدة, متيحا للمسجونين كلهم فرصة أن يحملوه ما شاءوا من رسائل ووصايا.
ولعل أعذب فصول الكتاب وأكثرها ايلاما الفصل الذي يحمل عنوان أب الي حد البكاء حيث يروي الشاعر الظروف التي اعتقل فيها هو وزوجته بينما ترك طفلته الوحيدة خارج السجن والمؤلم أكثر ان ظروف العمل السياسي السري حرمتها لسنوات من أن تمنحه لقب بابا لكنه يتمني لو تم اعتقالها معها لينعم بطمأنينتها الي جواره. كذلك يبرز المؤلف في نصه الحس الساخر المؤلم في المفارقة التي يؤكدها في وقائع كثيرة أبرزها واقعة سجن أحد المعتقلين لمجرد أنه حلم حلما مشوشا, ضبابيا, يشبه جنازة مسئول كبير أو عملية اغتيال أو انقلابا عسكريا لكنه بسبب هذا الحلم تم اعتقاله لمجرد أنه كان حلما بنوايا مسلحة كما يسخر أحد رفاق التجربة المؤلمة ويزيد فرج بيرقدار من قيمة الحس الانساني في نصه حين يواجه القيم الذكورية التي تقترن هنا بالقيم التسلطية وهو يكشف عن ثمن غياب الأنثي عن السجن الذي يبدو فضاء مثاليا لـذكورة افتراسية قصوي بينما تبقي الحرية أنوثة رحمانية قصوي.
ولا يكتفي الكتاب بالإعلاء من قيمة المعني الانساني لمواجهة الجلاد وانما يمد قارئه بوثيقة مهمة هي نص المرافعة التي كتبها الشاعر خلال جلسات محاكمته أمام محكمة امن الدولة في سوريا عام1993, وهي وثيقة لا تزال صالحة الي اليوم لادانة كل الطغاة طالما ظل القمع كما يقول الشاعر هو العدالة الوحيدة التي يجهد حكامنا في تطبيقها علي المحكومين, وطالما عشنا نحكم بقانون القوة لا قوة القانون.
======================



حجازى ......وداعاً
كتبت ليلى الراعـــى
مثل طلقات الرصاص السريعة المتلاحقة‏..‏ مثل العبوات الناسفة التي تأخذ في طريقها كل شيء‏..‏ تبدو رسومات فنان الكاريكاتير العظيم الراحل حجازي‏.‏ ‏
بسيطة هي وعميقة ولاذعة في آن.. قال عنها الدكتور علي الراعي في احدي مقالاته: بعض رسوم فنان الكاريكاتير الكبير حجازي تحمل خاصية طريفة تبدو بريئة من الخارج, يقبل عليها القاريء وهو خالي الذهن من أي خطر تحمله, ولكنه ما إن يبدأ في التعامل معها يتفجر المحتوي في وجهه ـ وهو محتوي أشبه بالعبوة الناسفة, شديد الفتك لايبقي بعده شيء من الهدف الذي وجه اليه.
يدهشك حقا هذا الفنان الموهوب المتواضع.. الصامت الشارد الذي لاتعنيه كثيرا مكاسب الحياة.
مهموم هو بالفقراء.. والمهمشين وكل هؤلاء الذين لايملكون شيئا من حطام الدنيا..
رسوماته الثاقبة.. ولقطاته الكاشفة, ونكاته الكاريكاتيرية حملت معها نقدا لاذعا لمجتمعنا ووجهت ريشته الموهوبة آلاف السهام نحو أوجه الفساد السياسي الذي عانت منه بلادنا طويلا..
وحجازي الذي دخل بلاط الصحافة مصادفة, تلقفته أيدي الفنان الكبير حسن فواد مكتشف المواهب, فالحقته بهذه الكتيبة الفنية الفذة التي كانت تعمل في مؤسسة روزاليوسف آنذاك وعلي رأسها الفنان العبقري ذو المواهب المتعددة صلاح جاهين.
وأصبح حجازي الي جوار زهدي والليثي وبهجت عثمان ومعهم الفنان الكبير رخا واحدا من أهم فناني الكاريكاتير في مصر والوطن العربي.
يملك ريشة مميزة, تعني كثيرا بالمنمنمات والتفاصيل الصغيرة التي تعد واحدة من بصماته الفنية الأخاذة التي اشتهر بها..
ولم يكتف هذا الفنان النبيل برسوماته الكاريكاتيرية اللاذعة, بل اتجه الي مجال الأطفال حينما كشرت الدنيا عن أنيابها.. وبرع فيه براعة فائقة..
كنا ونحن أطفالا صغارا نتابع قصصه ورسوماته بشغف واعجاب شديدين..
ننتظر بفارغ الصبر مجلة سمير لنقرأ بلهفة حكايات( تنابلة الصبيان) واحدة من أجمل الحكايات التي أهداها حجازي للأطفال, والتي مازالت محفورة في الذاكرة الي يومنا هذا..
حجازي الذي رحل عن دنيانا منذ أيام قليلة, ترك خلفه مئات من الرسومات والإبداعات الفنية الأخاذة التي ملأت الصحف والمجلات المصرية والعربية, فضلا عن كتب الأطفال, يستحق منا الاحتفاء والتقدير والتكريم من قبل المؤسسات الفنية والثقافية فهو فنان بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان..


====================



الأحساس بالنهاية ومحاولة للتصالح مع الماضى
كتبت هبة عبد الستار
ماذا يحدث عندما تراوغ الذاكرة صاحبها‏,‏ وكيف يمكنها أن تشكل قيمة خاصة في مراحل مبكرة من العمر علي الرغم من إمكانية أن يساء فهمها‏,‏ وكيف يمكن أن تصبح ذات نفوذ طاغ طوال مسيرتنا في الحياة‏.
وهل من الممكن أن يتصالح الإنسان مع ماضيه, كل تلك التساؤلات يحاول أن   يــــتتبعها ويجيب عليها الكاتب جوليان بارنز في روايته الإحساس بالنهاية Sense of an ending الفائزة بجائزة المان بوكر العالمية لهذا العام.
تعني الرواية بالزمن والتاريخ والذاكرة والطفولة والموت والدمار النفسي للشباب وسبل تعاملهم مع أوضاعهم الصعبة بالنسيان أو التناسي أو من خلال الإغراق في حالة من الكبت والكآبة والعزلة, تدور الرواية حول توني ويبستر الذي يحاول أن يتصالح وماضيه مع إحساسه بدنو أجله واقتراب شبح الموت, وبالرغم من تجربة زواجه وطلاقه لم يستطع توني التخلص من ذكريات علاقه عاطفية جامحة جمعته في الماضي بصديقته السابقة فيرونيكا خاصة عندما تركته وارتبطت بصديقه ادريان الذي كان أذكي منهم جميعا إلا أنه أقدم علي الانتحار وهو في الثانية والعشرين من عمره تاركا مذكراته, ومع الوقت يمضي توني في حياته المملة متناسيا ماضيه.
إلا أن غموض الرواية يتزايد عندما يتلقي توني بعد سنوات عديدة وفور طلاقه رسالة غامضة من مكتب محاماة يبلغه أن والدة فيرونيكا التي بالرغم من عدد المرات القليلة التي قابلها فيها أثناء علاقته السابقة مع ابنتها قد تركت له إرثا صغيرا بالإضافة إلي مذكرات ادريان التي زادت من إحساسه بعدم الارتياح مع ما تنامي في ذاكرته حول تلك العلاقة التي أفقدته التواصل مع صديقيه.
يحاول توني أن يتصالح مع ماضيه ويعيد قراءة الأحداث مستعينا بالذكريات والمذكرات الخاصة بادريان بحثا عن قرائن جديدة تخلصه من مشاعر الخيانة والعزلة والحزن والنسيان ليعيد تقييم علاقته بفيرونيكا, تلك العلاقة التي حاول جاهدا طوال حياته أن يمحوها من ذاكرته وكأنه لم تكن متظاهرا أنه لم يقابل شخصا يدعي فيرونيكا, مشيدا حولها جدارا ضخما من الصمت والشعور بالعار.
وقد وصفت لجنة تحكيم الجائزة الرواية, بأنها كتاب يتحدث عن الجنس البشري في القرن الحادي والعشرين., وتعد هذه المرة الرابعة التي يترشح فيها بارنز(65 عاما) للقائمة القصيرة لمان بوكر, حيث ترشح للجائزة للمرة الأولي عام1984 عن روايته ببغاء فلوبير, ورشح في المرة الثانية عام1998 عن روايته إنجلترا.. إنجلترا ثم رشح للمرة الثالثة عام2005 عن روايته آرثر وجورج, بالإضافة لذلك فرصيده10 روايات, وثلاثة كتب تضم قصصا قصيرة, وثلاث مجموعات صحفية, وترجمت أعماله لأكثر من ثلاثين لغة, وحصل علي العديد من الجوائز العالمية.
تأليف جوليان بارنز

0 comments: